للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِآجِلٍ وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْإِقَالَةِ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ كَوْنِهِ غَيْرَ مُسْتَحَقِّ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ بِهِ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ وَعَنْ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الِاسْتِبْدَالُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ سَبَبُ وُجُوبِهِ الْقَبْضُ فَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ بِهِ كَبَدَلِ الْقَرْضِ وَالْغَصْبِ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَلَكِنَّا تَرَكْنَاهُ لِمَا بَيَّنَّا وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَأْخُذْ إلَّا سَلَمَكَ أَوْ رَأْسَ مَالِكَ» فَلَوْ جَوَّزْنَا الِاسْتِبْدَالَ بِرَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ كَانَ آخِذًا غَيْرَ سَلَمِهِ وَغَيْرَ رَأْسِ مَالِهِ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ شَرْعًا

وَلَوْ أَسْلَمَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ فِي شَيْءٍ سَلَمًا فَاسِدًا وَتَفَرَّقَا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِدَرَاهِمِهِ مَا بَدَا لَهُ يَدًا بِيَدٍ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ سَبَبُ وُجُوبِهِ الْقَبْضُ وَعَقْدُ السَّلَمِ كَانَ بَاطِلًا فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَقْبُوضِ بِاعْتِبَارِ الْقَبْضِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِبَدَلِ الْقَرْضِ فَإِنْ جَعَلَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْوَزْنِ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ فَالْمَقْبُوضُ صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ مَعَ فَسَادِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ وَمِثْلُهُ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَالسَّلَمُ يُضَافُ إلَى ذَلِكَ الدَّيْنِ

وَلَوْ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ رَجُلٍ، ثُمَّ صَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ أَوْ هَالِكٌ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ فَهُوَ بَيْعُ الْعَبْدِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فِي زَعْمِ الْمُدَّعِي، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَالْوَاجِبُ هُوَ الْقِيمَةُ وَالْقِيمَةُ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ فَهَذَا تَأْجِيلٌ فِي بَدَلِ الْمَغْصُوبِ وَذَلِكَ جَائِزٌ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الصَّرْفِ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى طَعَامٍ مُؤَجَّلٍ جَازَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ مَتَى كَانَ دَيْنًا بِمُقَابَلَةِ الْعَبْدِ يَكُونُ ثَمَنًا وَلَمْ يَجُزْ إنْ كَانَ هَالِكًا أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقِيمَةُ فَيَكُونُ بَائِعًا مَا لَيْسَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ إذَا قُوبِلَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ يَكُونُ مَبِيعًا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا يَقَعُ الصُّلْحُ عَلَيْهِ يَكُونُ بَدَلًا عَنْ الْعَبْدِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْمَغْصُوبِ الْهَالِكِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ أَنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَهُ وَلَكِنْ الْعَبْدُ الْهَالِكُ فِي مَعْنَى الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى عَيْنِهِ فَهُوَ دَيْنٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا بِدَيْنٍ فَلِهَذَا كَانَ فَاسِدًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَجَلٌ جَازَ إنْ كَانَ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا عَنْ عَيْنٍ بِدَيْنٍ وَذَلِكَ جَائِزٌ وَهُوَ دَلِيلٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الصُّلْحُ بَدَلًا عَنْ الْقِيمَةِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ قَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ إذَا كَانَ دَيْنًا عِنْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَإِنْ فَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ وَلَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ وَالْعَبْدُ هَالِكٌ بَطَلَ؛ لِأَنَّهُمَا افْتَرَقَا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَكَذَلِكَ إنْ صَالَحَهُ عَلَى ثِيَابٍ مُؤَجَّلَةٍ وَالْعَبْدُ هَالِكٌ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَهُوَ فَاسِدٌ شَرْعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>