للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْجَنِينَ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْأُمِّ مَا دَامَ مُتَّصِلًا بِهَا مِنْ وَجْهٍ فَكَمَا لَا يَثْبُتُ لِلْأَبِ الْوِلَايَةُ عَلَى الْأُمِّ فَكَذَلِكَ عَلَى مَا هُوَ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَكَذَلِكَ الْأُمُّ لَوْ كَانَتْ هِيَ الَّتِي صَالَحَتْ؛ لِأَنَّ الْأُبُوَّةَ فِي إثْبَاتِ الْوِلَايَةِ أَقْوَى مِنْ الْأُمُومَةِ، فَإِذَا كَانَ لَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ عَلَى مَا فِي الْبَطْنِ لِلْأَبِ فَلِلْأُمِّ أَوْلَى. وَالْجَنِينُ وَإِنْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ جُزْءٍ مِنْهَا مِنْ وَجْهٍ فَهُوَ أَوْلَى فِي الْحَقِيقَةِ فِي نَفْسٍ مُودَعَةٍ فِيهَا وَلِاعْتِبَارِ مَعْنَى النَّفْسِيَّةِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ فَالْوَصِيَّةُ لِلْأَجْزَاءِ لَا تَصِحُّ، وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ هَذَا الصُّلْحِ مِنْ الْأُمِّ بِاعْتِبَارِ الْحُرِّيَّةِ لِهَذَا الْمَعْنَى، فَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً فَالْوَصِيَّةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْوَصِيَّةِ بِالْإِيجَابِ بِالْعَقْدِ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا فِيمَا يُسْتَحَقُّ مِيرَاثًا.

وَإِنْ وَلَدَتْ أَحَدَهُمَا مَيِّتًا، وَهُوَ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَوْصَى لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ، فَإِنْ وَلَدَتْهُمَا مَيِّتَيْنِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ حَيِيَّيْنِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَالْوَصِيَّةُ تَبْطُلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ أَنْ لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا فِي اسْتِحْقَاقِ الْوَصِيَّةِ كَمَا لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ وَالْوَصِيَّةُ لَهُ فِي هَذَا الْوَجْهِ مُخَالَفَةٌ لِلْوَصِيَّةِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِ فِي الْحُكْمِ الَّذِي يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُبَادَلَةً، وَالْأَرْشُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَقًّا بِالْوَصِيَّةِ كَالْأَصْلِ أَنْ لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا فَقَامَ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ، وَالْأَرْشُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَقًّا بِالْوَصِيَّةِ، فَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ الْأَصْلُ فِي حُكْمِ تَصْحِيحِ الْوَصِيَّةِ لَهُ فَلِهَذَا بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ.

وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ عَبْدًا فَصَالَحَ مَوْلَاهُ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ كَمَا لَا تَثْبُتُ عَلَى مَا فِي الْبَطْنِ بِاعْتِبَارِ الْأُبُوَّةِ فَكَذَلِكَ لَا تَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ بَلْ أَوْلَى، فَإِنَّ الْمَالِكِيَّةَ عَلَى الْقُدْرَةِ وَالِاسْتِيلَاءِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ عَلَى مَا فِي الْبَطْنِ، فَإِنْ صَالَحَ مَوْلَى الِابْنِ الْحَمْلِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَرِيضِ عَلَى صُلْحٍ، ثُمَّ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْأَمَةَ الْحَامِلَ عَتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ غُلَامًا فَالْغُلَامُ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ انْفَصَلَ مِنْهَا وَهِيَ حُرَّةٌ، وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ وَالْوَصِيَّةُ لِمَوْلَاهُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ وَعِنْدَ الْمَوْتِ كَانَ مَمْلُوكًا فَصَارَ الْمُوصَى بِهِ مِلْكًا لِلْمَوْلَى، ثُمَّ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِعْتَاقِ الْأُمِّ، وَهُوَ لَا يَبْطُلُ مِلْكُهُ عَمَّا صَارَ مُسْتَحَقًّا لَهُ مِنْ كَسْبِهِ، وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الصُّلْحِ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ عَلَى مَا فِي الْبَطْنِ، وَلَا بِاعْتِبَارِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ حَقِّهِ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ فَالْمَوْلَى يَخْلُفُ الْعَبْدَ فِي اسْتِحْقَاقِ كَسْبِهِ خِلَافَةَ الْوَارِثِ الْمُورِثَ وَمَا لَمْ يَتِمَّ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمَمْلُوكِ لَا يَخْلُفُهُ الْمَوْلَى فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ السَّبَبُ إذَا انْفَصَلَ حَيًّا وَالصُّلْحُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْأَمَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَبَّرَ مَا فِي بَطْنِهَا، وَهَذَا أَظْهَرُ فَالتَّدْبِيرُ لَا يُخْرِجُ الْمَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقًّا لِكَسْبِ الْمُدَبَّرِ، وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ حَيًّا، ثُمَّ أَعْتَقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>