للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَبْدِ، فَأَمَّا ضَمَانُ الرَّهْنِ فَضَمَانُ قَبْضٍ، وَالْأَوْصَافُ تُفْرَدُ بِالْقَبْضِ، فَتُفْرَدُ بِالضَّمَانِ، فَلِهَذَا سَقَطَ بِذَهَابِ النَّخْلِ نِصْفُ الدَّيْنِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً كَانَ نَبَتَ فِي الْأَرْضِ نَخْلٌ يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ، وَالْأَرْضُ، وَالنَّخْلُ بِثُلُثَيْ جَمِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ النَّابِتَ زِيَادَةٌ فِي الْأَرْضِ فَيَصِيرُ هُوَ كَالْمَوْجُودِ فِي أَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ ثَبَتَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعًا، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الدَّيْنَ يَنْقَسِمُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ، وَقِيمَةِ النَّابِتِ، وَاَلَّذِي احْتَرَقَ، وَالْقِيَمُ سَوَاءٌ، كَأَنَّمَا سَقَطَ - بِذَهَابِ مَا احْتَرَقَ - حِصَّتُهَا، وَهُوَ ثُلُثُ الدَّيْنِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) قَالَ: إنْ كَانَ الثَّابِتُ مِنْهُ عُرُوقُ النَّخْلِ الَّتِي احْتَرَقَ سَقَطَ رُبْعُ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَرْضِ سَقَطَ نِصْفُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ إذَا كَانَ فِيهِ عُرُوقٌ فَاحْتَرَقَتْ، فَهُوَ زِيَادَةٌ فِي النَّخِيلِ خَاصَّةً، فَيُقْسَمُ الدَّيْنُ أَوَّلًا: عَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ، وَقِيمَةِ النَّخِيلِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْعَقْدِ نِصْفَيْنِ، ثُمَّ تُقْسَمُ حِصَّةُ النَّخِيلِ عَلَى قِيمَتِهَا، وَقِيمَةِ الثَّابِتِ نِصْفٌ، فَسَقَطَ بِاحْتِرَاقِ النَّخِيلِ الْمَوْجُودَةِ رُبْعُ الدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْجَارِيَتَيْنِ إذَا وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ، وَإِذَا نَبَتَ النَّخِيلُ مِنْ الْأَرْضِ كَانَ زِيَادَةً فِي الْأَرْضِ دُونَ النَّخِيلِ فَبِاحْتِرَاقِ النَّخِيلِ سَقَطَ مَا كَانَ فِيهَا، وَهُوَ نِصْفُ الدَّيْنِ، وَالنِّصْفُ الْبَاقِي حِصَّةُ الْأَرْضِ يَنْقَسِمُ عَلَيْهَا، وَعَلَى النَّخِيلِ الثَّابِتِ.

وَلَوْ ارْتَهَنَ أَرْضًا لَيْسَ فِيهَا نَخْلٌ فَنَبَتَ فِيهَا نَخْلٌ، وَقِيمَةُ الْأَرْضِ مِثْلُ الدَّيْنِ، وَقِيمَةُ النَّخْلِ كَذَلِكَ فَمَا رَهَنَ بِالْمَالِ - وَإِنْ ذَهَبَ النَّخِيلُ - لَمْ يُسْقِطْ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ حَدَثَتْ بَعْدَ تَمَامِ الرَّهْنِ، وَلَمْ يَضُرَّ مَقْصُودُهُ بِالتَّنَاوُلِ حِينَ هَلَكَتْ قَبْلَ الْفِكَاكِ، فَلَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِهَا شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ كَالْوَلَدِ.

وَلَوْ ارْتَهَنَ أَرْضًا وَكَرْمًا وَقِيمَتَهُ، وَالدَّيْنُ سَوَاءٌ، ثُمَّ أَثْمَرَ ثَمَرًا كَثِيرًا، يَكُونُ مِثْلَ قِيمَتِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ الشَّجَرُ، وَسَلِمَ الثَّمَرُ، وَقِيمَةُ الشَّجَرِ، وَالْأَرْضِ سَوَاءٌ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ ثُلُثُ الثَّمَنِ لِمَا بَيَّنَّا: أَنَّ الثِّمَارَ زِيَادَةٌ فِي الشَّجَرِ، وَالْأَرْضِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ، وَلَا تَبَعَ لِلتَّبَعِ فَانْقَسَمَ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الثَّلَاثَةِ سَوَاءٌ، فَيَذْهَبُ الشَّجَرُ بِثُلُثِ الدَّيْنِ، فَإِنْ ذَهَبَ الثَّمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ ذَهَبَ أَيْضًا سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بِذَهَابِ الثَّمَرِ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الثِّمَارَ زِيَادَةٌ حَادِثَةٌ بَعْدَ تَمَامِ الرَّهْنِ، وَفَاتَتْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ أَحَدٍ، فَكَيْفَ يَسْقُطُ بِهَلَاكِهَا شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ؟، وَلَكِنَّ الثِّمَارَ صَارَتْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ، فَتَبَيَّنَ: أَنَّ الدَّيْنَ انْقَسَمَ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ، وَقِيمَةِ الْأَشْجَارِ نِصْفَيْنِ، وَأَنَّهُ بِذَهَابِ الْأَشْجَارِ سَقَطَ نِصْفُهُ، وَبَقِيَتْ الْأَرْضُ رَهْنًا بِنِصْفِ الدَّيْنِ.

وَإِذَا سَاقَ الْمُرْتَهِنُ دَابَّةَ الرَّهْنِ، أَوْ قَادَهَا فَأَصَابَتْ إنْسَانًا بِيَدِهَا أَوْ وَطِئَتْهُ بِرِجْلِهَا فَهُوَ عَلَى الْقَائِدِ، وَالسَّائِقِ؛ لِأَنَّ الْقَائِدَ، وَالسَّائِقَ مُتْلِفٌ بِطَرِيقِ السَّبَبِ، فَيَكُونُ ضَامِنًا - مَالِكًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَالِكٍ - وَلَا يَلْحَقُ الدَّابَّةَ، وَلَا الرَّاهِنَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ؛ لِانْعِدَامِ سَبَبِ الْإِتْلَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>