للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثُّلُثَيْنِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرَأْيِهِ فَادَّانَ أَحَدُهُمَا دَيْنًا مِنْ الشَّرِكَةِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدٌ بِرَأْيِهِ، فَلَوْ ادَّانَ أَحَدُهُمَا دَيْنًا مِنْ الشَّرِكَةِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَوَّضَ الْأَمْرَ إلَى رَأْيِ صَاحِبِهِ فِيمَا هُوَ مِنْ عَمَلِ التِّجَارَةِ وَالْإِدَانَةُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إنْ رَهَنَ أَوْ ارْتَهَنَ فَهُوَ عَلَى قَدْرِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ، وَالْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ إذَا ارْتَهَنَ مِنْ الْمَكْفُولِ عَنْهُ رَهْنًا وَقَبَضَهُ، فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدَّى الْمَالَ بَعْدُ؛ لِأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَفَالَةِ يَجِبُ الْمَالُ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ، كَمَا يَجِبُ لِلطَّالِبِ عَلَى الْكَفِيلِ وَلَكِنَّهُ مُؤَجَّلٌ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ.

(أَلَا تَرَى): أَنَّهُ إذَا طُولِبَ طَالَبَ، وَإِذَا لُوزِمَ لَازَمَ، وَإِذَا أَدَّى رَجَعَ وَالرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ صَحِيحٌ.

وَإِذَا افْتَرَقَ الشَّرِيكَانِ ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا ثُمَّ قَالَ: أَخَذْتُ هَذَا الرَّهْنَ مِنْ فُلَانٍ بِدَيْنِي وَدَيْنُكَ فِي الشَّرِكَةِ قَبْلَ أَنْ نَفْتَرِقَ، وَقَالَ الْآخَرُ: أَخَذْتَهُ بَعْدَ مَا افْتَرَقْنَا، فَإِنْ كَانَ هَذَا أَدَانَ بِدَيْنٍ فِي الشَّرِكَةِ وَحْدَهُ فَلَا فَائِدَةَ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ أَخْذَ الرَّهْنِ بِهَا فِي الشَّرِكَةِ وَبَعْدَهَا، فَإِنَّ الِاسْتِيفَاءَ إلَيْهِ خَاصَّةً، فَكَمَا يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ عَلَيْهَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَدَانَهُ فَعَلَى الْمُرْتَهِنِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَخَذَهُ فِي الشَّرِكَةِ، فَإِنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ أَجَازَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا صَنَعَ صَاحِبُهُ، فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ، وَفِعْلُ أَحَدِهِمَا فِي الشَّرِكَةِ عِنْدَ إجَازَةِ صَاحِبِهِ صَنِيعَهُ كَفِعْلِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَجَازَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا صَنَعَ صَاحِبُهُ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ: اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِكَ لَمْ يَجُزْ عَلَى شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ فِي الشَّرِكَةِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَدَانَ رَجُلًا أَلْفًا وَاحِدَةً أَخَذَ بِهَا رَهْنًا مِنْهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ، كَمَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ لَمْ يَكُنْ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ وَلَا يَضْمَنُ آخِذُ الرَّهْنِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْعَدْلِ فِي حَقِّ الرَّاهِنِ، وَإِنَّمَا قَبَضَ الْعَيْنَ بِإِذْنِهِ فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَعِيسَى - فِي مَسْأَلَةِ الطَّعْنِ - إنَّمَا يَسْتَدِلُّ بِهَذَا وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي (كِتَابِ الشَّرِكَةِ) وَلَوْ كَانَ قَالَ: وَكَّلَنِي بِقَبْضِ الْمَالِ.

وَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ بِهِ مِنْكَ رَهْنًا فَأَخَذَ بِهِ مِنْكَ رَهْنًا قِيمَتُهُ مِثْلُ الدَّيْنِ، فَهَلَكَ عِنْدَهُ قَالَ: يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِلرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا، فَكَانَ قَابِضًا بِغَيْرِ إذْنِهِ ضَامِنًا لِلْقِيمَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَطْلُوبُ صَدَّقَهُ بِالْوَكَالَةِ لَمْ يَرْجِعْ الْمَطْلُوبُ عَلَى الْوَكِيلِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ فِي زَعْمِهِ أَنَّهُ كَانَ أَمِينًا فِي قَبْضِ الرَّهْنِ، وَأَنَّهُ اسْتَفَادَ الْبَرَاءَةَ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ إلَّا أَنَّ الطَّالِبَ ظَلَمَهُ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى بِدَيْنِهِ، وَمَنْ ظُلِمَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَظْلِمَ غَيْرَهُ، وَزَعْمُهُ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَكِيلِ بِشَيْءٍ.

وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَقَالَ: قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>