للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكُونَ قِيمَتُهَا نِصَابًا فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ وَآخِرِهِ كَمَا فِي السَّوَائِمِ عِنْدَنَا وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: الْمُعْتَبَرُ كَمَالِ النِّصَابِ آخِرَ الْحَوْلِ فَقَطْ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا قَالَ فِي الْكِتَابِ وَيُقَوِّمُهَا يَوْمَ حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا إنْ شَاءَ بِالدَّرَاهِمِ وَإِنْ شَاءَ بِالدَّنَانِيرِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْأَمَالِي أَنَّهُ يُقَوِّمُهَا بِأَنْفَعِ النَّقْدَيْنِ لِلْفُقَرَاءِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقَوِّمُهَا بِمَا اشْتَرَاهَا إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَيُقَوِّمُهَا بِهِ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ نُقُودٍ قَوَّمَهَا بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ فِي الْبَلَدِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقَوِّمُهَا بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ عَلَى كُلِّ حَالٍ. وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ التَّقْوِيمَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مُعْتَبَرٌ بِالتَّقْوِيمِ فِي حَقِّ الْعِبَادِ وَمَتَى وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى تَقْوِيمِ الْمَغْصُوبِ وَالْمُسْتَهْلَكِ يُقَوَّمُ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ فِي الْبَلَدِ فَهَذَا مِثْلُهُ وَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ الْبَدَلُ مُعْتَبَرٌ بِأَصْلِهِ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَى بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَتَقْوِيمُهُ بِمَا هُوَ أَصْلُهُ أَوْلَى. وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمَالَ كَانَ فِي يَدِ الْمَالِكِ وَهُوَ الْمُنْتَفِعُ بِهِ فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَنْفَعَةِ الْفُقَرَاءِ عِنْدَ التَّقْوِيمِ لِأَدَاءِ الزَّكَاةِ فَيُقَوِّمُهَا بِأَنْفَعِ النَّقْدَيْنِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِتَقْوِيمِهِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ يُتِمُّ النِّصَابَ وَبِالْآخِرِ لَا يُتِمُّ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ بِمَا يُتِمُّ بِهِ النِّصَابَ لِمَنْفَعَةِ الْفُقَرَاءِ فَهَذَا مِثْلُهُ. وَجْهُ رِوَايَةِ الْكِتَابِ أَنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ بِاعْتِبَارِ مَالِيَّتِهَا دُونَ أَعْيَانِهَا، وَالتَّقْوِيمُ لِمَعْرِفَةِ مِقْدَارِ الْمَالِيَّةِ وَالنَّقْدَانِ فِي ذَلِكَ عَلَى السَّوَاءِ فَكَانَ الْخِيَارُ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ يُقَوِّمُهَا بِأَيِّهِمَا شَاءَ. أَلَا تَرَى أَنَّ فِي السَّوَائِمِ عِنْدَ الْكَثْرَةِ - وَهُوَ مَا إذَا بَلَغَتْ الْإِبِلُ مِائَتَيْنِ - الْخِيَارَ إلَى صَاحِبِ الْمَالِ إنْ شَاءَ أَدَّى أَرْبَعَ حِقَاقٍ وَإِنْ شَاءَ أَدَّى خَمْسَ بَنَاتِ لَبُونٍ فَهَذَا مِثْلُهُ ثُمَّ وُجُوبُ الزَّكَاةِ عِنْدَنَا فِي عَيْنِ مَالِ التِّجَارَةِ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهَا، وَعَلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْوُجُوبُ فِي قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ النِّصَابَ مُعْتَبَرٌ بِالْقِيمَةِ فَعَرَفْنَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا.

(وَلَنَا) أَنَّ الْوَاجِبَ فِي مِلْكِهِ، وَمِلْكُهُ الْعَيْنُ فَكَانَ الْوَاجِبُ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْمَالِيَّةِ

(قَالَ:) وَمَا كَانَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تِبْرًا مَكْسُورًا أَوْ حُلِيًّا مَصُوغًا أَوْ حِلْيَةَ سَيْفٍ أَوْ مِنْطَقَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَفِي جَمِيعِهِ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ الذَّهَبُ عِشْرِينَ مِثْقَالًا أَوْ مِنْ الْفِضَّةِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: ٣٤] وَالْكَنْزُ اسْمٌ لِمَالٍ مَدْفُونٍ لَا يُرَادُ بِهِ التِّجَارَةُ، وَقَدْ أَلْحَقَ اللَّهُ الْوَعِيدَ بِمَانِعِي الزَّكَاةِ مِنْهَا فَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا بِدُونِ نِيَّةِ التِّجَارَةِ ثُمَّ سَائِرِ الْأَمْوَالِ مَخْلُوقَةٌ لِلِابْتِذَالِ وَالِانْتِفَاعِ بِأَعْيَانِهَا فَلَا تَصِيرُ مُعَدَّةً لِلنَّمَاءِ إلَّا بِفِعْلٍ مِنْ الْعِبَادِ مِنْ إسَامَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ. وَأَمَّا الذَّهَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>