للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا الْمَالَ مَعَ صَاحِبِهِ فَعَمِلَ بِهِ أَيُّهُمَا كَانَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ؛ لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ عَمَلَ أَحَدِهِمَا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ كَعَمَلِهِمَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا فِي حَقِّهِمَا أَوْ فَاسِدًا، فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ صَحِيحًا فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا فَاسِدًا فِي حَقِّ الْآخَرِ.

وَالْمُضَارِبُ الَّذِي شَرَطَ لَهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي الْعَمَلِ بِنِصْفِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْعَامِلُ أَوْ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ فِي النِّصْفِ لِصَاحِبِهِ وَعَمَلُ صَاحِبِهِ فِي النِّصْفِ لَهُ فَيَكُون كَعَمَلِهِ بِنَفْسِهِ. .

وَإِذَا بَاعَ الْمُضَارِبُ مَتَاعَ الْمُضَارَبَةِ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَخَرَّ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِ عَيْبٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الْمُضَارَبَةِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ بِهَذَا التَّأْخِيرِ شَيْئًا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَهُنَاكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ فِي الثَّمَنِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يَجُوزُ وَيَصِيرُ ضَامِنًا لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يَمْلِكُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا بَاعَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ ثُمَّ يَبِيعُهُ بِمِثْلِهِ مُؤَجَّلًا فَكَذَلِكَ يَمْلِكُ أَنْ يُؤَجِّلَهُ فِي ذَلِكَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صُنْعِ التُّجَّارِ وَهُوَ يَمْلِكُ مَا هُوَ مِنْ صُنْعِ التُّجَّارِ فَأَمَّا الْوَكِيلُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ وَالْبَيْعَ ثَانِيًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَكَذَلِكَ تَأْجِيلُهُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ لَا يَصِحُّ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَحَالَ بِهِ الْمُضَارِبُ عَلَى إنْسَانٍ أَيْسَرَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَعْسَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ قَبُولَ الْحَوَالَةِ مِنْ صُنْعِ التُّجَّارِ وَلَوْ أَقَالَ الْعَقْدَ مَعَ الْأَوَّلِ ثُمَّ بَاعَهُ بِمِثْلِهِ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ جَازَ فَكَذَلِكَ إذَا قَبِلَ الْحَوَالَةَ بِالثَّمَنِ عَلَيْهِ، وَبِهِ فَارَقَ الْوَكِيلَ وَالْمُضَارِبَ فِي هَذِهِ لَيْسَ نَظِيرَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ فَإِنَّ قَبُولَهُمَا الْحَوَالَةَ عَلَى مَنْ هُوَ أَعَسْرُ مِنْ الْمُحِيلِ لَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمَا مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ الْأَحْسَنِ وَالْأَصْلَحِ لَهُ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي قَبُولِ الْحَوَالَةِ عَلَى مَنْ هُوَ أَفْلَسَ، وَتَصَرُّفُ الْمُضَارِبِ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِمِثْلِهِ بَلْ هُوَ مِنْ صُنْعِ التُّجَّارِ عَادَةً وَذَلِكَ يُوجَدُ هُنَا.

وَكَذَلِكَ لَوْ حَطَّ شَيْئًا بِعَيْبٍ مِثْلَ مَا يَحُطُّ التُّجَّارُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَيْبِ أَوْ يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صُنْعِ التُّجَّارِ عَادَةً، وَلَوْ قَبِلَهُ بِالْعَيْبِ ثُمَّ بَاعَهُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ ثَانِيًا جَازَ فَكَذَلِكَ إذَا حَطَّ عَنْهُ هَذَا الْمِقْدَارَ وَإِنْ حَطَّ عَنْهُ شَيْئًا فَاحِشًا أَوْ حَطَّ بِغَيْرِ عَيْبٍ جَازَ ذَلِكَ عَلَى الْمُضَارِبِ خَاصَّةً فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ -: " وَهُوَ ضَامِنٌ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ وَمَا قَبَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ فَعَمِلَ بِهِ فَهُوَ عَلَى الْمُضَارِبِ خَاصَّةً وَرَأْسُ الْمَالِ فِي ذَلِكَ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي " وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: " لَا يَجُوزُ هَذَا الْحَطُّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَطَّ " لَيْسَ مِنْ صُنْعِ التُّجَّارِ فَلَا يَمْلِكُهُ بِمُقْتَضَى عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ وَلَكِنَّهُ هُوَ الْعَاقِدُ فَيَكُونُ فِي هَذَا الْحَطِّ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَالْحَطُّ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الثَّمَنِ مِنْ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ بَاطِلٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صَحِيحٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - وَهُوَ ضَامِنٌ ذَلِكَ لِلْمُوَكِّلِ وَفِي مِقْدَارِ مَا صَارَ ضَامِنًا يَبْطُلُ حُكْمُ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْمُضَارَبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>