للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا فَضْلَ فِي قِيمَتِهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ.

وَلَوْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ ابْنًا مَعْرُوفًا لَهُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَلَا فَضْلَ فِيهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ النَّسَبُ بِدَعْوَاهُ وَيَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ مِنْهَا صَارَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَصَارَ بِهِ مُتَمَلِّكًا نَصِيبَ رَبِّ الْمَالِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا؛ فَلِهَذَا يَغْرَمُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ قِيمَتِهَا وَيَغْرَمُ لَهُ ثَلَاثَةَ أَثْمَانِ الْعُقْرِ وَلَكِنَّ ذَلِكَ رِبْحٌ كُلُّهُ فَيُقَسِّطُ نِصْفَ حِصَّةِ الْمُضَارِبِ وَيَضْمَنُ لِرَبِّ الْمَالِ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ عُقْرِهَا فَإِذَا قَبَضَ رَبُّ الْمَالِ ذَلِكَ عَتَقَ نِصْفُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ صَارَ رِبْحًا كُلُّهُ فَيُعْتَقُ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ مِنْهُ وَهُوَ النِّصْفُ، وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ حُكْمًا بِحُدُوثِ مِلْكِهِ فِيهِ.

وَلَا يُقَالُ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ حُرَّ الْأَصْلِ كَمَا فِي جَانِبِ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ صَارَ نَاقِضًا لِلْمُضَارَبَةِ بِاسْتِرْدَادِ رَأْسِ الْمَالِ عَنْهُ عِنْدَ الِاسْتِيلَادِ، وَالْمُضَارِبُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُسَلَّمُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الرِّبْحِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ؛ فَلِهَذَا كَانَ الْوَلَدُ رَقِيقًا وَإِنَّمَا يُعْتَقُ إذَا سَلَّمَ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ تُسَاوِي أَلْفًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي أَلْفًا فَادَّعَاهُ الْمُضَارِبُ فَغَرَّمَهُ رَبُّ الْمَالِ الْمُقِرَّ وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَأَخَذَهَا صَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُضَارِبِ وَيُعْتَقُ الْوَلَدُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ لِظُهُورِ الْفَضْلِ فِي قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَضْمَنُ الْمُضَارِبُ مِنْ قِيمَةِ الْأُمِّ تِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا تِسْعُمِائَةٍ مَا بَقِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَخَمْسُونَ حِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي هِيَ رِبْحٌ فِي الْجَارِيَةِ، فَإِذَا قَبَضَهَا رَبُّ الْمَالِ عَتَقَ نِصْفُ الْوَلَدِ مِنْ الْمُضَارِبِ، وَيَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ، وَوَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ كُلَّهُ رِبْحٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَهَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي اسْتَشْهَدَ بِهَا عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْأَوَّلِ عَلَى جَوَابِ الْكِتَابِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ سَبَبُ عِتْقِ الْوَلَدِ: اشْتَرَكَ فِيهِ الْمُضَارِبُ وَرَبُّ الْمَالِ، فَلِهَذَا لَا يُجْمَعُ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْوَلَدِ كُلِّهِ وَهُنَاكَ لَا صُنْعَ لِرَبِّ الْمَالِ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْعِتْقِ فِي الْوَلَدِ، وَإِنَّمَا السَّبَبُ ظُهُورُ الْفَضْلِ فِي قِيمَتِهِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ؛ فَلِهَذَا يُجْمَعُ جَمِيعُ نَصِيبِ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْوَلَدِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ رَبِّ الْمَالِ بِوُصُولِهِ إلَى جَمِيعِ نَصِيبِهِ بِالتَّضْمِينِ فِي الْحَالِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْجَمْعَ هُنَاكَ لِتَغْلِيبِ الْعِتْقِ، وَذَلِكَ لَا يَقْوَى هُنَاكَ؛ لِأَنَّ تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ نِصْفُ عُشْرِ الْوَلَدِ، فَالرِّبْحُ مِنْ الْجَارِيَةِ قَدْرُ الْمِائَةِ، وَإِنْ جَعَلْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ لِرَبِّ الْمَالِ لَا يَزْدَادُ الْعِتْقُ لِلْوَلَدِ إلَّا بِقَدْرِ نِصْفِ الْعُشْرِ، وَذَلِكَ قَلِيلٌ؛ فَلِهَذَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِالْجَمْعِ هُنَا.

وَإِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ مُعْسِرًا وَقَدْ أَدَّى الْعُقْرَ فَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَسْتَسْعِيَ الْوَلَدَ بِتِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>