للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ ابْتَغَى عَنْ مَنْفَعَةِ أَرْضِهِ عِوَضًا وَلَمْ يَنَلْ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ

وَلَوْ قَالَ: ازْرَعْ لِي فِي أَرْضِي كُرًّا مِنْ طَعَامِك عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ لِي أَوْ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ نِصْفَيْنِ جَازَ عَلَى مَا قَالَ، وَالْبَذْرُ قَرْضٌ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ازْرَعْ لِي تَنْصِيصٌ عَلَى اسْتِقْرَاضِ الْبَذْرِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَامِلًا لَهُ إلَّا بَعْدَ اسْتِقْرَاضِهِ الْبَذْرَ مِنْهُ، فَكَانَ عَلَيْهِ بَذْرًا مِثْلَ مَا اسْتَقْرَضَ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَابِضًا لَهُ بِاتِّصَالِهِ بِمِلْكِهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ قَالَ: إنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ فَهِيَ مُزَارَعَةٌ صَحِيحَةٌ وَإِنْ قَالَ: عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ لِي فَهُوَ اسْتِعَانَةٌ فِي الْعَمَلِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يَفْسُدَ الْعَقْدُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مُزَارَعَةٌ شُرِطَ فِيهَا الْقَرْضُ إذَا قَالَ: عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ، وَالْمُزَارَعَةُ كَالْإِجَارَةِ تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَكِنْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ: الِاسْتِقْرَاضُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُزَارَعَةِ فَهَذَا قَرْضٌ شُرِطَ فِيهِ الْمُزَارَعَةُ، وَالْقَرْضُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالْهِبَةِ وَفِي الْأَصْلِ اسْتَشْهَدَ فَقَالَ: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرِ لِي بِهَا كُرًّا مِنْ الطَّعَامِ، ثُمَّ اُبْذُرْهُ فِي أَرْضِي عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ أَلَمْ يَكُنْ هَذَا جَائِزًا؟ فَكَذَلِكَ مَا سَبَقَ إلَّا أَنَّ هَذَا مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً

وَلَوْ دَفَعَ بَذْرًا إلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهُ فِي أَرْضِهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهُوَ فَاسِدٌ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ دَفْعِ الْبَذْرِ مُزَارَعَةً، وَقَدْ بَيَّنَّا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَحُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ نَفْيُ الْإِشْكَالِ فِي أَنَّهُ أَوْجَبَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَجْرَ مِثْلِ أَرْضِهِ، وَلَمْ يُسَلِّمْ الْأَرْضَ إلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ فَكَيْفَ يَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ أَجْرَ مِثْلِهِ؟، وَلَكِنَّا نَقُولُ صَارَتْ مَنْفَعَتُهُ وَمَنْفَعَةُ الْأَرْضِ حُكْمًا كُلُّهَا مُسَلَّمَةً إلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ لِسَلَامَةِ الْخَارِجِ لَهُ حُكْمًا، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْعَامِلِ بِأَمْرِهِ فِي إلْقَاءِ الْبَذْرِ كَعَمَلِهِ بِنَفْسِهِ فَيَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنْ قَالَا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَصَاحِبُ الْبَذْرِ مُعِينٌ لَهُ فِي الْعَمَلِ مُعِيرٌ لِأَرْضِهِ لِأَنَّهُ مَا شَرَطَ بِإِزَاءِ مَنَافِعِهِ وَمَنَافِعِ أَرْضِهِ عِوَضًا فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ قَالَ ازْرَعْهُ لِي فِي أَرْضِك عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ لَك لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ نَصٌّ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ بِجَمِيعِ الْخَارِجِ حِينَ قَالَ: ازْرَعْهُ لِي فِي أَرْضِك، وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ وَعَمَلِهِ، وَإِنْ قَالَ ازْرَعْهُ فِي أَرْضِك لِنَفْسِك عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ لِي لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ازْرَعْهُ لِنَفْسِك تَنْصِيصٌ عَلَى إقْرَاضِ الْبَذْرِ مِنْهُ، ثُمَّ شَرَطَ جَمِيعَ الْخَارِجِ لِنَفْسِهِ عِوَضًا عَمَّا أَقْرَضَهُ وَهَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ شَرْعًا، وَلَكِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>