للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا زَرَعْت مِنْهَا سِمْسِمًا فَلِي ثُلُثَاهُ، وَلَك ثُلُثُهُ، فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي اسْتَشْهَدَ بِهَا الطَّاعِنُ قَالَ عَلِيٌّ الْقُمِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَجَدْتُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْعَتِيقَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ زِيَادَةَ أَنَّهُ قَالَ: عَلَى أَنْ يَزْرَعَ كُلَّ ذَلِكَ فِيهَا، فَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُ، وَتَبَيَّنَ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنَّ مُرَادَهُ مِنْ حَرْفِ " مِنْ " التَّبْعِيضُ، فَهُوَ وَمَا لَوْ نَصَّ عَلَى التَّبْعِيضِ سَوَاءٌ، وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ مَا سَبَقَ أَنَّ الْجَهَالَةَ هُنَا تَتَمَكَّنُ فِي سَلْبِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْبَذْرِ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ جِنْسِ الْبَذْرِ فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ، وَكَذَلِكَ الْأَجْرُ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا إلَّا بِبَيَانِ جِنْسِ الْبَذْرِ، فَكَانَتْ الْجَهَالَةُ مُتَمَكِّنَةً فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، فَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ، فَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْكِرَابِ وَالثُّنْيَانِ فَالْجَهَالَةُ لَمْ تَتَمَكَّنْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، فَالْعَقْدُ بَيْنَهُمَا صَحِيحٌ بِدُونِ ذَلِكَ؛ فَلِهَذَا لَمْ تَكُنْ الْجَهَالَةُ الْمُتَمَكِّنَةُ بِذِكْرِ حَرْفِ التَّبْعِيضِ مُفْسِدَةً لِلْعَقْدِ هُنَاكَ يُوَضَّحُ الْفَرْقُ أَنَّ الْكِرَابَ وَالثُّنْيَانَ كُلُّ ذَلِكَ يَسْبِقُ إلْقَاءَ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ، وَانْعِقَادُ الشَّرِكَةِ عِنْدَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ وَعِنْدَ ذَلِكَ الْبَعْضِ الَّذِي ثُنِّيَ، وَالْبَعْضُ الَّذِي كُرِبَ مَعْلُومٌ، فَيَجُوزُ الْعَقْدُ، وَأَمَّا هُنَا عِنْدَ إلْقَاءِ أَحَدِ الْأَصْنَافِ مِنْ الْبَذْرِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الْأَرْضِ، الْعَقْدُ فِي النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى مَجْهُولٌ فِي حَقِّ جِنْسِ الْبَذْرِ وَجِنْسِ الْبَدَلِ؛ فَلِهَذَا فَسَدَ الْعَقْدُ بِهَذَا الشَّرْطِ، وَلَوْ دَفَعَ الْأَرْضَ إلَيْهِ لِيَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالْخَارِجُ لِلْعَامِلِ، فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْمُزَارَعَةِ وَالْإِعَارَةِ، فَاشْتِرَاطُ الْخَارِجِ كُلِّهِ لِلْعَامِلِ يَكُونُ إعَارَةً لِلْأَرْضِ مِنْهُ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ وَاشْتِرَاطُ الْمُنَاصَفَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْخَارِجِ مِنْ الْحِنْطَةِ يَكُونُ مُزَارَعَةً صَحِيحَةً، وَلَا يَتَوَلَّدُ مِنْ ضَمِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ سَبَبٌ مُفْسِدٌ، وَإِنْ سَمَّى الْخَارِجَ مِنْ الشَّعِيرِ لِنَفْسِهِ جَازَ فِي الْحِنْطَةِ، وَلَمْ يَجُزْ فِي الشَّعِيرِ، وَهِيَ مَطْعُونَةُ عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَإِذَا دَفَعَ الْأَرْضَ إلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إلَّا أَنَّهُ مَا جَعَلَ أَحَدَ الْعَقْدَيْنِ مَشْرُوطًا فِي الْآخَرِ، وَلَكِنَّهُ عَطَفَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ، فَفَسَادُ أَحَدِهِمَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْآخَرِ، فَإِنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا فَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ

وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا، وَكُرَّ حِنْطَةٍ، وَكُرَّ شَعِيرٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَرَعَ الْحِنْطَةَ فِيهَا فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَالشَّعِيرُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ زَرَعَهَا الشَّعِيرَ فَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَيَرُدُّ الْحِنْطَةَ كُلَّهَا، فَهُوَ كُلُّهُ جَائِزٌ عَلَى مَا اشْتَرَطَا؛ لِأَنَّهُ اسْتَعَانَ بِالْعَامِلِ فِي أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ، وَاسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ الْخَارِجِ فِي الْآخَرِ، وَخَيَّرَهُ بَيْنَهُمَا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَحِيحٌ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَلَوْ اشْتَرَطَ الْخَارِجَ مِنْ الشَّعِيرِ لِلْعَامِلِ جَازَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ

<<  <  ج: ص:  >  >>