للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَجْرَ بِالشَّرْطِ، وَالْمَسْكُوتُ عَنْهُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَبَعْضُ أَئِمَّةِ بَلْخَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - قَالُوا: فِي هَذَا الْفَصْلِ التِّبْنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ فِيمَا لَمْ يَتَعَرَّضَا لَهُ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ، وَالْعُرْفُ الظَّاهِرُ الْمُنَاصَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي التِّبْنِ وَالْحَبِّ جَمِيعًا، وَلِأَنَّ التِّبْنَ فِي مَعْنَى التَّبَعِ لِلْحَبِّ وَاشْتِرَاطُ الْمُنَاصَفَةِ فِي الْمَقْصُودِ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاطِهِ فِي التَّبَعِ مَا لَمْ يُفْصَلْ عَنْهُ بِشَرْطٍ آخَرَ فِيهِ مَقْصُودٌ. وَالرَّابِعُ: أَنْ يَشْتَرِطَا الْمُنَاصَفَةَ بَيْنَهُمَا فِي الْحَبِّ، وَالتِّبْنُ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ، فَإِنْ شَرَطَا التِّبْنَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ سَكَتَا عَنْ ذِكْرِهِ كَانَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، فَإِذَا نَصَّا عَلَيْهِ فَإِنَّمَا صَرَّحَا بِمَا هُوَ مُوجِبٌ لِلْعَقْدِ، فَلَا يَتَغَيَّرُ بِهِ وَصْفُ الْعَقْدِ، وَإِنْ شَرَطَا التِّبْنَ لِلْآخَرِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالشَّرْطِ، فَلَوْ صَحَّحْنَا هَذَا الْعَقْدَ أَدَّى إلَى أَنْ يَسْتَحِقَّ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْ الْخَارِجِ بِالشَّرْطِ دُونَ صَاحِبِهِ بِأَنْ يَحْصُلَ التِّبْنُ دُونَ الْحَبِّ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَاسْتِحْقَاقُ رَبِّ الْبَذْرِ لَيْسَ بِالشَّرْطِ بَلْ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ بَذْرِهِ ثُمَّ التِّبْنُ لِلْحَبِّ قِيَاسُ النَّخْلِ لِلتَّمْرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّخْلُ لِصَاحِبِهِ لَا بِشَرْطِ الْمُزَارَعَةِ، وَالتَّمْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّخْلُ لِلْعَامِلِ بِالشَّرْطِ فِي الْمُعَامَلَةِ، وَالتَّمْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَكَذَلِكَ فِي الْمُزَارَعَةِ وَلَوْ سَمَّيَا لِأَحَدِهِمَا أَقْفِزَةً مَعْلُومَةً فَسَدَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشَّرِكَةِ فِي الْخَارِجِ مَعَ حُصُولِهِ بِأَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ الْأَقْفِزَةَ الْمَعْلُومَةَ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ

وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا عِشْرِينَ سَنَةً عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا، وَيَغْرِسَهَا مَا بَدَا لَهُ عَلَى أَنَّ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ التَّالَةَ لِلْأَشْجَارِ بِمَنْزِلَةِ الْبَذْرِ لِلْخَارِجِ، وَاشْتِرَاطُ ذَلِكَ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْمُزَارَعَةِ صَحِيحٌ، فَكَذَلِكَ اشْتِرَاطُ الْغَرْسِ عَلَى الْعَامِلِ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً، وَمَا زُرِعَ وَغُرِسَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ حَبُّهُ وَتِبْنُهُ وَثَمَرُهُ وَرُطَبُهُ وَأُصُولُ الرُّطَبِ وَعِنَبُهُ وَكَرْمُهُ وَأُصُولُ الْكَرْمِ وَحَطَبُهُ وَعِيدَانُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ حَاصِلٌ بِعَمَلِهِ وَبِقُوَّةِ أَرْضِ صَاحِبِهِ فَإِنَّ الْغُرُوسَ تَتَبَدَّلُ بِالْعُلُوقِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَنْ غَصَبَ تَالَةً فَغَرَسَهَا كَانَ الشَّجَرُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ غَصَبَ بَذْرًا فَزَرَعَهُ، فَإِنْ كَانَ الْكُلُّ حَاصِلًا بِعَمَلِهِ، وَقَدْ اشْتَرَطَا الْمُنَاصَفَةَ فِي جَمِيعِهِ كَانَ الْكُلُّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ اشْتَرَطَا أَنَّ الثَّمَرَ بَيْنَهُمَا جَازَ وَالثَّمَرُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا اشْتَرَطَا، فَأَمَّا الشَّجَرُ وَالْكَرْمُ وَأُصُولُ الرُّطَبَةِ فَهُوَ لِلْغَارِسِ يَقْلَعُهُ إذَا انْتَقَضَتْ الْمُعَامَلَةُ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا بَيَّنَّا إذَا شَرَطَ الْمُنَاصَفَةَ فِي الْحَبِّ أَنَّ التِّبْنَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، فَهَذَا أَيْضًا الثَّمَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، كَمَا شَرَطَا، وَالشَّجَرُ وَأُصُولُ الرُّطَبَةِ كُلُّهُ لِلْغَارِسِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِاعْتِبَارِ مِلْكِ الْأَصْلِ لَا بِالشَّرْطِ وَيَقْلَعُهُ انْقَضَتْ الْمُعَامَلَةُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمَ الْأَرْضِ إلَى صَاحِبِهَا فَارِغَةً وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِقَلْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>