للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ إلَى الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْمَالِيَّةِ، فَإِنْ أَبَى أُخِذَتْ الْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا وَبِيعَا فَضَرَبَ الْأَجِيرُ فِي الثَّمَنِ بِأَجْرِ مِثْلِهِ وَالْغُرَمَاءُ بِدَيْنِهِمْ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْفَسَخَ حِينَ أُخِذَتْ مِنْ يَدِهِ وَانْتُقِضَ قَبْضُهُ فِيهَا بِسَبَبٍ سَابِقٍ عَلَى قَبْضِهِ.

وَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ لَمْ تَزِدْ وَلَمْ تَلِدْ وَلَكِنَّهَا نَقَصَتْ فِي السِّعْرِ عِنْدَ الْأَجِيرِ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي مِائَةً - وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا - فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ فِي نُقْصَانِهَا؛ لِأَنَّ نُقْصَانَ السِّعْرِ فُتُورُ رَغَائِبِ النَّاسِ فِيهَا وَلَا مُعْتَبَرَ بِذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَيَضْرِبُ الْغُرَمَاءُ فِي الْجَارِيَةِ بِدَيْنِهِمْ وَالْأَجِيرُ بِقِيمَتِهَا وَهِيَ مِائَةُ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ الْأَجِيرَ بِقَضَاءِ حَقِّهِ مَرْدُودٌ بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ مَا أَصَابَ الْأَجِيرُ فَهُوَ لَهُ مِنْ عَيْنِهَا، وَمَا أَصَابَ الْغُرَمَاءُ قِيلَ لِلْأَجِيرِ: أَعْطِهِمْ قِيمَةَ ذَلِكَ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْمَالِيَّةِ، فَإِنْ أَبَى بِيعَتْ الْجَارِيَةُ وَضَرَبَ الْأَجِيرُ فِي ثَمَنِهَا بِأَجْرِ مِثْلِهِ ثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ انْفَسَخَ بِانْتِقَاضِ قَبْضِهِ فِيهَا، فَإِنَّمَا يَضْرِبُ هُوَ بِأَجْرِ مِثْلِهِ وَالْغُرَمَاءُ بِدَيْنِهِمْ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَهُنَاكَ لَمْ يُنْتَقَضْ قَبْضُهُ فِيهَا فَإِنَّمَا يَضْرِبُ بِقِيمَتِهَا لِذَلِكَ، وَإِنْ نَقَصَتْ فِي الْبَدَنِ حَتَّى صَارَتْ تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ فَإِنَّ قِيمَةَ الْجَارِيَةِ يَوْمَ قَبَضَهَا الْأَجِيرُ وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ بَيْنَ الْأَجِيرِ وَبَيْنَ الْغُرَمَاءِ، فَمَا أَصَابَ الْغُرَمَاءُ ضَمِنَهُ لَهُمْ الْأَجِيرُ فِي مَالِهِ وَتَسْلَمُ لَهُ الْجَارِيَةُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ يَوْمَ قَبَضَهَا عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ بِعَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، وَقَدْ تَعَيَّبَتْ فِي يَدِهِ بِالنُّقْصَانِ الْحَاصِلِ فِي بَدَنِهَا فَلَا يَمْلِكُ أَنْ يَرُدَّهَا لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ، وَلَكِنْ يَغْرَمُ لِلْغُرَمَاءِ حِصَّتَهُمْ فِي مَالِيَّتِهَا يَوْمَ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ.

وَلَوْ دَفَعَ الْمَرِيضُ نَخْلًا لَهُ مُعَامَلَةً إلَى رَجُلٍ بِالنِّصْفِ فَأَخْرَجَ النَّخْلُ كُفُرَّى يَكُونُ نِصْفُهُ مِثْلَ أَجْرِ الْعَامِلِ أَوْ أَقَلَّ فَقَامَ عَلَيْهِ وَسَقَاهُ حَتَّى صَارَ تَمْرًا يُسَاوِي مَالًا عَظِيمًا، ثُمَّ صَارَ حَشَفًا قِيمَتَهُ أَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ الْكُفُرَّى يَوْمَ خَرَجَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ - فَإِنَّ مَالَهُ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَالْعَامِلِ، يَضْرِبُ فِيهِ الْعَامِلُ بِقِيمَةِ نِصْفِ الْحَشَفِ فَقَطْ، فَمَا أَصَابَهُ كَانَ لَهُ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الْحَشَفِ، وَمَا أَصَابَ الْغُرَمَاءَ بِيعَ لَهُمْ فِي دَيْنِهِمْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ بِالنُّقْصَانِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَمِينًا فِي الْخَارِجِ، فَالزِّيَادَةُ إنَّمَا حَصَلَتْ فِي عَيْنٍ هِيَ أَمَانَةٌ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَتَلِفَتْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْهَا لِأَحَدٍ، بِخِلَافِ مَا سَبَقَ، وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ وَلَدِ الْجَارِيَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الَّتِي وَلَدَتْ فِي يَدِ الْأَجِيرِ أَوْ مَاتَ أَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ لَمْ يَضْمَنْهُ الْأَجِيرُ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ حَدَثَتْ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَهَلَكَتْ كَذَلِكَ فَلَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ هُوَ ضَامِنًا لِلْأَصْلِ. وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ - وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا - كَانَ لِلْعَامِلِ نِصْفُ الْحَشَفِ وَلِلْوَرَثَةِ نِصْفُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ فِيمَا صَارَ مِنْ ذَلِكَ حَشَفًا، لِأَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الْكُلُّ مِنْ غَيْرِ صُنْعِ الْعَامِلِ لَمْ يَضْمَنْ لَهُمْ شَيْئًا، فَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>