للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْسُوبًا إلَى الْمُكْرِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّ هُنَاكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْهُ لِإِكْرَاهِهِ بَلْ لِاخْتِيَارِهِ إسْقَاطَ الْوَاجِبِ عَنْ ذِمَّتِهِ بِهِ طَوْعًا، وَإِنْ كَانَ أَكْرَهَهُ بِحَبْسٍ، أَوْ قَيْدٍ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ لِانْعِدَامِ الْإِلْجَاءِ، وَجَازَ عَنْ كَفَّارَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَصَلَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَاقْتَرَنَتْ بِهِ نِيَّةُ الظِّهَارِ.

وَلَوْ أَكْرَهَهُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ حَتَّى آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ، فَهُوَ مُولٍ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ طَلَاقٌ مُؤَجَّلٌ، أَوْ هُوَ يَمِينٌ فِي الْحَالِ، وَالْإِكْرَاهُ لَا يَمْنَعُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَبَانَتْ مِنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي الْمُدَّةِ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ، فَهُوَ كَالرَّاضِي بِمَا لَزِمَهُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ، وَإِنْ قَرِبَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ مَا جَرَى عَلَى سُنَنِ إكْرَاهِهِ، فَإِنَّهُ بِالْإِكْرَاهِ مَنَعَهُ مِنْ الْقُرْبَانِ، وَقَدْ أَتَى بِضِدِّهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَعْنِي بِهَا، فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِضَمَانٍ يُحْبَسُ بِهِ. .

وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ قَالَ إنْ قَرِبْتُهَا، فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، فَقَرِبَهَا، فَطَلُقَتْ، وَلَزِمَهُ مَهْرُهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ مَا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الْمَهْرَ لَزِمَهُ بِالدُّخُولِ، فَإِنَّمَا أَتْلَفَ عَلَيْهِ بِإِكْرَاهِهِ مِلْكَ النِّكَاحِ، وَذَلِكَ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ، فَلَا يَضْمَنُ الْمُكْرِهُ لَهُ قِيمَتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى بَانَتْ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُجَامِعَهَا، فَيَجِبُ الْمَهْرُ بِجِمَاعِهِ إيَّاهَا لَا بِمَا أَلْجَأَهُ إلَيْهِ الْمُكْرِهُ، وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْجِمَاعِ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَنْ يَقُولَ إنْ قَرِبْتهَا، فَعَبْدِي هَذَا حُرٌّ، فَإِنْ قَرِبَهَا عَتَقَ عَبْدُهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَا جَرَى عَلَى سُنَنِ إكْرَاهِهِ، وَإِنْ تَرَكَهَا، فَبَانَتْ بِالْإِيلَاءِ قَبْلَ الدُّخُولِ غَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَبِيعَ عَبْدَهُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ، ثُمَّ يَقْرَبُهَا فَيَسْقُطُ الْإِيلَاءُ، وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، فَإِنْ قَبِلَ الْبَيْعَ لَا يَتِمُّ بِهِ وَحْدَهُ، وَإِنَّمَا يَتِمُّ بِهِ، وَبِالْمُشْتَرِي، وَقَدْ بَيَّنَّا قَبْلَ هَذَا أَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ الْبَيْعِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي إزَالَةِ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ قُلْنَا هُنَاكَ كَانَ الْوَقْتُ ضَيِّقًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَعْتِقُ بِدُخُولِ الدَّارِ، وَبِمَشِيئَةِ الْعِتْقِ، وَلَا يَتَّفِقُ وُجُودُ مُشْتَرٍ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْمُدَّةِ، وَهُنَا الْوَقْتُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ يَجِدُ مُشْتَرِيًا يَرْغَبُ فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُدَبَّرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهِ، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً هِيَ أُمُّ وَلَدٍ، فَإِنْ قَرِبَ الْمَرْأَةَ عَتَقَ هَذَا، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ مَا أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ، وَقَدْ دَخَلَ بِهَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الَّذِي أَكْرَهَهُ أَيْضًا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ النِّكَاحَ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا لَزِمَهُ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَرْجِعُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>