للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي حَقِّ الْمُبَذِّرِ الْمُتْلِفِ لِمَالِهِ.

وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا حَجَرَ عَلَى فَاسِدٍ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَطْلَقَ عَنْهُ الْحَجْرَ وَأَجَازَ مَا كَانَ بَاعَ، أَوْ اشْتَرَى، وَلَمْ يَرَ حَجْرَ الْأَوَّلِ شَيْئًا، فَأَبْطَلَ حَجْرَهُ جَازَ إطْلَاقُ هَذَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَوْ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ فَأَطْلَقَ عَنْهُ الْحَجْرَ جَازَ فَكَذَلِكَ الثَّانِي، وَهَذَا؛ لِأَنَّ نَفْسَ الْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، فَإِنَّهُ بَاطِلٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَنَفْسُ الْقَضَاءِ مَتَى كَانَ مُجْتَهَدًا فِيهِ يُوقَفُ عَلَى إمْضَاءِ غَيْرِهِ فَإِذَا أَبْطَلَهُ بَطَلَ، ثُمَّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً مِنْ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَسْتَدْعِي مَقْضِيًّا لَهُ وَمَقْضِيًّا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ نَظَرًا مِنْهُ لَهُ، وَقَدْ رَأَى الْآخَرُ النَّظَرَ لَهُ فِي الْإِطْلَاقِ عَنْهُ فَيَنْفُذُ ذَلِكَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ بُيُوعِهِ، أَوْ شِرَائِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي الَّذِي يَرَى الْحَجْرَ عَلَيْهِ، أَوْ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى الْحَجْرَ، فَأَبْطَلَ مُبَايَعَاتِهِ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى هَذَا الْقَاضِي الْآخَرِ فَأَبْطَلَ قَضَاءَ الْأَوَّلِ، وَأَجَازَ مَا كَانَ أَبْطَلَهُ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ يَرَى الْحَجْرَ، أَوْ لَا يَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُجِيزَ قَضَاءَ الْأَوَّلِ بِإِبْطَالِ مَا أَبْطَلَ مِنْ بُيُوعِهِ، وَأَشْرِيَتِهِ وَيَبْطُلُ قَضَاءُ الثَّانِي فِيمَا أَبْطَلَهُ مِنْ قَضَاءِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْأَوَّلِ حَصَلَ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ فَنَفَذَ ذَلِكَ، وَكَانَ ذَلِكَ قَضَاءً تَامًّا بِوُجُودِ الْمَقْضِيِّ لَهُ، وَالْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ، وَقَضَاءُ الْقَاضِي فِي الْمُجْتَهَدَاتِ نَافِذٌ بِالِاتِّفَاقِ، ثُمَّ الْإِبْطَالُ مِنْ الثَّانِي حَصَلَ بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ قَضَاءً أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى نُفُوذِهِ وَقَضَاءُ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْإِجْمَاعِ بَاطِلٌ، فَهَذَا يَبْطُلُ، الثَّالِثُ - قَضَاءُ الْقَاضِي بِإِبْطَالِ قَضَاءِ الْأَوَّلِ، وَيَمْضِي قَضَاءُ الْأَوَّلِ بِإِبْطَالِ مَا أَبْطَلَ مِنْ بُيُوعِهِ، أَوْ أَشْرِيَتِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>