للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ.

وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ وَكَّلَ مَوْلَى الْعَبْدِ بِقَبْضِ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَهَذَا وَوَكَالَةُ الْعَبْدِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ مِلْكُ الْمَوْلَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَلَوْ جَعَلْنَا الْمَقْبُوضَ مِنْ نَصِيبِ الْأَجْنَبِيِّ خَاصَّةً كَانَ الْمَوْلَى وَكِيلًا عَنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي الْمُقَاسَمَةِ مَعَ نَفْسِهِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ فَلِهَذَا كَانَ الْمَقْبُوضُ مِنْ نَصِيبِهِمَا وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ كَانَ قَبْضُ الْمَوْلَى عَلَى الْأَجْنَبِيِّ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبِ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَتَوْكِيلُ الْأَجْنَبِيِّ إيَّاهُ بِقَبْضِ نَصِيبِهِ بِمَنْزِلَةِ تَوْكِيلِ غَيْرِهِ بِهِ وَإِنْ تَوِيَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِ الْمَوْلَى تَوِيَ مِنْ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ قَبْضَ وَكِيلِهِ لَهُ كَقَبْضِهِ بِنَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِالْقَبْضِ كَانَ إقْرَارُهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ بِالتَّوْكِيلِ سَلَّطَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَيُجْعَلُ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ كَإِقْرَارِ الْأَجْنَبِيِّ بِنَفْسِهِ وَقَدْ طَعَنَ عِيسَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ إقْرَارُ الْمَوْلَى بِالْقَبْضِ هَهُنَا؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً فَإِنَّ مَا بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمَدْيُونِ يَخْلُصُ لِلْعَبْدِ إذَا صَحَّ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِالْقَبْضِ وَفِي مَنْفَعَةِ الْعَبْدِ مَنْفَعَةُ الْمَوْلَى فَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ وَاسْتَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِالْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ هَذَا فِي بَابِ خُصُومَةِ الْمَأْذُونِ إذَا مَاتَ الْغَرِيمُ فَادَّعَى أَنَّ شَرِيكَهُ قَدْ قَبَضَ حِصَّتَهُ فَجَحَدَهُ الشَّرِيكُ وَوَكَّلَ الشَّرِيكُ مَوْلَى الْعَبْدِ فِي خُصُومَةِ الْعَبْدِ فَأَقَرَّ الْمَوْلَى عَلَى الشَّرِيكِ بِالِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ وَلَمْ يَكُنْ وَكِيلًا لَهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ مَنْفَعَةِ عَبْدِهِ وَقَدْ قِيلَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا عَلَى جَوَابِ الْكِتَابِ إنَّ الْمَوْلَى لَا يُخَاصِمُ عَبْدَهُ لِنَفْسِهِ فَكَذَلِكَ لَا يُخَاصِمُهُ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ جَعَلْنَاهُ وَكِيلًا هُنَا لَكَانَ يُخَاصِمُ الْعَبْدَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمُوَكِّلُ، فَأَمَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَهُوَ يُخَاصِمُ الْأَجْنَبِيَّ لِغَيْرِهِ وَهُوَ يَجُوزُ أَنْ يُخَاصِمَ الْأَجْنَبِيَّ لِنَفْسِهِ فَكَذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَإِذَا صَحَّ التَّوْكِيلُ جَازَ إقْرَارُهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ لَمَّا وَكَّلَهُ بِهِ.

وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِبَيْعِ مَتَاعِهِ فَبَاعَهُ مِنْ عَبْدِ الْوَكِيلِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْ عَبْدِهِ كَبَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ مِلْكُهُ وَلَهُ حَقُّ اسْتِخْلَاصِهِ لِنَفْسِهِ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَيَكُونُ مُتَّهَمًا فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ عَبْدِ الْوَكِيلِ فَبَاعَهُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالْبَيْعِ مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبِهِ الْآنَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُ بِمُطْلَقِ التَّوْكِيلِ لِتَمَكُّنِ تُهْمَةِ الْمَيْلِ إلَيْهِ بِاعْتِبَارِ مَالَهُ مِنْ الْحَقِّ فِي كَسْبِهِ وَقَدْ انْعَدَمَ ذَلِكَ بِالتَّنْصِيصِ عَلَى الْبَيْعِ مِنْهُ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْآمِرِ دُونَ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ الثَّمَنَ (أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ بَاعَ مَالَهُ مِنْ عَبْدِهِ الْمَدْيُونِ لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ الثَّمَنَ فَكَذَلِكَ إذَا بَاعَهُ مَالَ الْغَيْرِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ فِي حُقُوقِ الْعَقْدِ وَالْعُهْدَةِ الْبَائِعُ لِغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>