للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَيْنِ ثُبُوتِ حَقِّهِ فِي الْمُشَارَكَةِ فِي الْمَقْبُوضِ بَعْدَ حَلِّ الْأَجَلِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُشَارَكَةِ بِاعْتِبَارِ الشَّرِكَةِ فِي أَصْلِ الدَّيْنِ وَبِتَأْجِيلِهِ لَا يَنْعَدِمُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ مَا لَهُمَا إلَى سَنَةٍ فَقَبَضَ الشَّرِيكُ عَاجِلًا، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ أَخَّرَ حَقَّهُ لِلْغَرِيمِ سَنَةً أُخْرَى، وَهُوَ يَعْلَمُ بِقَبْضِهِ أَوْ لَا يَعْلَمُ فَتَأْخِيرُهُ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى مَا قَبَضَ شَرِيكُهُ حَتَّى يَمْضِيَ السَّنَتَانِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْأَجَلِ بَعْدَ قَبْضِ الشَّرِيكِ بِمَنْزِلَةِ أَصْلِ التَّأْجِيلِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُهُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ قَبْلَ حَلِّ الْأَجَلِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْمُشَارَكَةِ بَعْدَ حَلِّ الْأَجَلِ فَكَذَلِكَ الزِّيَادَةُ فِي الْأَجَلِ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا فَأَخَذَ الشَّرِيكُ حَقَّهُ فَسَلَّمَهُ لَهُ الْعَبْدُ كَانَ تَسْلِيمُهُ جَائِزًا عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ حَقَّهُ فِي الْمُشَارَكَةِ بِعِوَضٍ، وَهُوَ مَا يُسْتَوْفَى مِنْ الْغَرِيمِ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ، وَذَلِكَ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ فَيَكُونُ صَحِيحًا مِنْ الْعَبْدِ وَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ عَلَى الْقَابِضِ بِشَيْءٍ حَتَّى يَتْوَى مَا عَلَى الْغَرِيمِ فَإِذَا تَوِيَ مَا عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ فَيُشَارِكُهُ فِي الْمَقْبُوضِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ لَهُ الْمَقْبُوضَ بِشَرْطِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ مَا فِي ذِمَّةِ الْغَرِيمِ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمَ عَادَ حَقُّهُ كَمَا كَانَ كَالْمُحْتَالِ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ مُفْلِسًا.

وَلَوْ كَانَ الْمَالُ إلَى سَنَةٍ فَاشْتَرَى الْعَبْدُ مِنْ الْغَرِيمِ جَارِيَةً بِحِصَّتِهِ فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ بِنِصْفِ حَقِّهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَوْفِيًا نَصِيبَهُ بِطَرِيقِ الْمُقَاصَّةِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الشِّرَاءِ بِالدَّيْنِ فَكَأَنَّهُ اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً وَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا اسْتَوْفَى نَصِيبَهُ قَبْلَ حَلِّ الْأَجَلِ كَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ نَصِيبِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، ثُمَّ وَجَدَ الْعَبْدُ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا فَرَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِقَضَاءِ قَاضٍ عَادَ الْمَالُ إلَى أَجَلِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ وَسُقُوطُ الْأَجَلِ كَانَ مِنْ حُكْمِ الْبَيْعِ وَوُقُوعُ الْمُقَاصَّةِ بِالثَّمَنِ وَقَدْ بَطَلَ ذَلِكَ بِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ فَعَادَ الْمَالُ إلَى أَجَلِهِ وَاسْتَرَدَّ الْعَبْدُ مِنْ شَرِيكِهِ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى نَصِيبَهُ بِالْمُقَاصَّةِ وَقَدْ بَطَلَ ذَلِكَ مِنْ الْأَصْلِ بِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مِنْهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ، وَلَوْ كَانَ رَدَّهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَوْ بِإِقَالَةٍ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الشَّرِيكِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَعْطَاهُ؛ لِأَنَّ هَذَا السَّبَبَ بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ الْمُبْتَدَأِ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ فَلَا يَتَبَيَّنُ بِهِ بُطْلَانُ الْمُقَاصَّةِ وَحُكْمُ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْعَبْدِ لِنَصِيبِهِ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ؛ فَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَيَكُونُ لِلْعَبْدِ وَلِشَرِيكِهِ عَلَى الْغَرِيمِ الْخَمْسُمِائَةِ الْبَاقِيَةُ إلَى أَجَلِهَا وَلِلْعَبْدِ عَلَى الْغَرِيمِ خَمْسُمِائَةٍ حَالَّةً فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مُؤَجَّلًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ وَالرَّدَّ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي فَسْخٌ فِي حَقِّهِمَا وَالْأَجَلَ فِي هَذَا الْمَالِ مِنْ حَقِّهِمَا وَلَكِنَّ هَذَا بِنَاءٌ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا فِيمَا أَمْلَيْنَاهُ مِنْ شَرْحِ الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْإِقَالَةَ وَالرَّدَّ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي فَسْخٌ فِي حَقِّهِمَا فِيمَا هُوَ مِنْ حُكْمِ ذَلِكَ الْعَقْدِ خَاصَّةً، فَأَمَّا فِيمَا لَيْسَ مِنْ حُكْمِ ذَلِكَ فَالْعَقْدُ يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>