للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْأَصْلَ فِي الْبُيُوعِ، وَلَا يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الْقَفِيزَ مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ مِنْ الشَّعِيرِ فَفَسَدَ الْبَيْعُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا؛ لِلْجَهَالَةِ حَتَّى يُعْلَمَ الْكَيْلُ كُلُّهُ فَإِنْ عَلِمَهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ كُلَّ قَفِيزِ حِنْطَةٍ بِدِرْهَمٍ، وَكُلَّ قَفِيزِ شَعِيرٍ بِدِرْهَمٍ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَهَكَذَا يَكْشِفُ الْحَالُ عِنْدَهُ إذَا صَارَتْ جُمْلَةُ الثَّمَنِ مَعْلُومَةً لَهُ الْآنَ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَخْذِ، وَالتَّرْكِ، وَعِنْدَهُمَا الْبَيْعُ جَائِزٌ كُلُّ قَفِيزٍ مِنْ الْحِنْطَةِ بِدِرْهَمٍ، وَكُلُّ قَفِيزٍ مِنْ الشَّعِيرِ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ الْجُمْلَةِ لَا تَقْضِي إلَى تَمَكُّنِ الْمُنَازَعَةِ، وَلَوْ قَالَ: كُلُّ قَفِيزٍ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ كَانَ الْبَيْعُ وَاقِعًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى قَفِيزٍ وَاحِدٍ نِصْفُهُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ الشَّعِيرِ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مَعْلُومٌ، وَثَمَنُهُ مَعْلُومٌ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى الْقَفِيزِ الْوَاحِدِ إذَا عَلِمَ بِكَيْلِ ذَلِكَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ كُلَّ قَفِيزٍ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الْبَيْعُ لَازِمٌ لَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كُلُّ قَفِيزٍ مِنْهُمَا بِدِرْهَمٍ نِصْفُهُ مِنْ الْحِنْطَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ الشَّعِيرِ.

وَلَوْ قَالَ: أَبِيعُك هَذِهِ الْحِنْطَةَ عَلَى أَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ كُرٍّ فَاشْتَرَاهَا عَلَى ذَلِكَ فَوَجَدَهَا أَقَلَّ مِنْ كُرٍّ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ صَارَ مَعْلُومًا بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَوَجَدَهُ عَلَى شَرْطِهِ الَّذِي سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ، وَالثَّمَنُ مَعْلُومٌ بِالتَّسْمِيَةِ فَيَجُوزُ الْعَقْدُ، وَإِنْ وَجَدَهَا كُرًّا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ كُرٍّ أَوْ كُرًّا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ بَعْضَ الْمَوْجُودِ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ كُرٍّ كَمَا سُمِّيَ وَذَلِكَ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَنَّ الْمُشْتَرَى أَقَلُّ مِنْ الْكُرِّ بِقَفِيزٍ أَوْ قَفِيزَيْنِ، وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ تَقْتَضِي الْمُنَازَعَةَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ كُرٍّ فَإِنْ وَجَدَهَا أَكْثَرَ مِنْ كُرٍّ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَهَا عَلَى شَرْطِهِ، وَالْبَيْعُ يَتَنَاوَلُ جَمِيعًا، وَإِنْ وَجَدَهَا أَقَلَّ مِنْ كُرٍّ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا حِصَّةَ مَا نَقَصَ مِنْهَا مِمَّا شَرَطَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إسْقَاطِ حِصَّةِ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ، وَذَلِكَ مَجْهُولٌ جَهَالَةً تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ.

وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّهَا كُرٌّ، وَأَقَلُّ مِنْهُ فَإِنْ وَجَدَهَا كُرًّا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَهَا عَلَى شَرْطِهِ، وَإِنْ وَجَدَهَا أَكْثَرَ مِنْ كُرٍّ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ ذَلِكَ كُرٌّ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُنْقِصَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَهَا كُرًّا كَانَ الْكُلُّ مُسْتَحَقًّا لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ وَجَدَهَا أَكْثَرَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِقْدَارَ الْكُرِّ مُسْتَحَقًّا لِلْمُشْتَرِي، وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْكُرِّ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَتَنَاوَلُهَا، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّهَا كُرٌّ أَوْ أَكْثَرُ فَوَجَدَهَا كَذَلِكَ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ وَجَدَهَا أَقَلَّ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَوْجُودَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إذَا قَسَّمَ عَلَى كُرٍّ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي مِقْدَارِ الْكُرِّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهَا كُرًّا لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ، وَلَا خِيَارَ لَهُ فَإِذَا كَانَ أَنْقَصَ مِنْ كُرٍّ فَقَدْرُ النُّقْصَانِ مَعْلُومٌ، وَحِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ مَعْلُومَةٌ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَيَتَخَيَّرُ؛ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَرْفَ أَوْ؛ لِلتَّخْيِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>