للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي مَالِيَّتِهَا، وَقَدْ أَتْلَفَهَا الْمَوْلَى بِالْإِجَازَةِ ثُمَّ الْمَالِ عَلَيْهَا لِلْمَوْلَى لَا حَقَّ لِغُرَمَاءِ الْمَأْذُونِ فِي ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ هَاهُنَا تَعْتِقُ بِنَفْسِ الْقَبُولِ، وَمَا تَكْتَسِبُ بَعْدَ ذَلِكَ خَالِصَ مِلْكِهَا فَإِنَّمَا يُؤَدِّي بَدَلَ الْكِتَابَةِ مِنْ كَسْبٍ اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ رِقِّهِ وَحَقُّ الْغُرَمَاءِ فِيهِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ يُحِيطُ بِالْمَأْذُونِ، وَبِمَا فِي يَدِهِ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِمَا وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا تَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَوْلَى فِي كَسْبِ الْمَأْذُونِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.

وَلَوْ تَزَوَّجَ الْمَأْذُونُ امْرَأَةً حُرَّةً بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ وَدَخَلَ بِهَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ بِتِجَارَةٍ فَالْمَأْذُونُ فِيهِ كَالْمَحْجُورِ، وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ بِالدُّخُولِ بِشُبْهَةِ الْعَقْدِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِالْمَهْرِ حَتَّى يَعْتِقَ؛ لِأَنَّ هَذَا دَيْنٌ لَزِمَهُ بِسَبَبِ عَقْدٍ هُوَ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى، فَيُؤَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ كَدَيْنِ الْكَفَالَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا فِي النِّكَاحِ أَنَّ الْمَأْذُونَ لَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ، وَإِنَّ فِي تَزْوِيجِهِ أَمَتَهُ خِلَافًا، وَلِلْمَأْذُونِ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَجِيرًا يَعْمَلُ فِي مَالِهِ بِأَجْرٍ مَضْمُونٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَالِاسْتِئْجَارُ لِلْعَمَلِ بِبَعْضِ الرِّبْحِ يَكُونُ أَنْفَعُ لَهُ، وَهُوَ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ، وَكَذَلِكَ يَأْخُذُ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ يَشْتَرِي بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ لِيَسْتَفِيدَ الرِّبْحَ، فَلَأَنْ يَمْلِكَ الشِّرَاءَ عَلَى وَجْهٍ يَرْجِعُ فِيهِ بِالْعُهْدَةِ عَلَى غَيْرِهِ، وَيَحْصُلُ الرِّبْحُ لِنَفْسِهِ كَانَ أَوْلَى.

وَإِذَا اشْتَرَكَ الْعَبْدَانِ الْمَأْذُونُ لَهُمَا فِي التِّجَارَةِ شَرِكَةَ عِنَانٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ بَيْنَهُمَا لَمْ يَجُزْ مِنْ ذَلِكَ النَّسِيئَةُ وَجَازَ النَّقْدُ؛ لِأَنَّ فِي النَّسِيئَةِ مَعْنَى الْكَفَالَةِ عَنْ صَاحِبِهِ، وَالْمَأْذُونُ لَا يَمْلِكُ الْكَفَالَةَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَكَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ، فَإِنَّ الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا تَكُونُ عِنَانًا لَا مُفَاوَضَةً لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْكَفَالَةِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُمَا الْمَوْلَيَانِ فِي الشَّرِكَةِ عَلَى الشِّرَاءِ بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا لَوْ أَذِنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْلَاهُ بِالْكَفَالَةِ أَوْ التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ.

وَإِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ، وَبَاعَهُ مِنْ مَوْلَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ لَمْ يَبِعْهُ الْمَوْلَى مُرَابَحَةً إلَّا عَلَى عَشَرَةٍ؛ لِتَمَكُّنِ تُهْمَةِ الْمُسَامَحَةِ فِي الْمُعَامَلَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْلَى، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ الْعَبْدِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ بَاعَهُ مِنْ أَمَةٍ لِعَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهَا فِي التِّجَارَةِ فَتُهْمَةُ الْمُسَامَحَةِ بَيْنَهُمَا مُتَمَكِّنَةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ اشْتَرَاهُ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ مُكَاتَبٍ لِلْمَوْلَى أَوْ عَبْدٍ آخَرَ لَهُ أَوْ مِنْ عَبْدٍ لِمُكَاتَبِ الْمَوْلَى أَوْ مِنْ مُضَارِبٍ لِلْمَوْلَى أَوْ مِنْ مُضَارِبِ الْمُكَاتَبِ لَمْ يَبِعْهُ مُرَابَحَةً إلَّا عَلَى أَقَلِّ الثَّمَنَيْنِ، وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ ابْنِ الْمَوْلَى أَوْ أَبِيهِ أَوْ امْرَأَتِهِ فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِتَمَكُّنِ التُّهْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ، وَفِي قَوْلِهِمَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>