للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُزَاحَمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالْمَالُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْأَجْنَبِيِّ نِصْفَانِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَبْدِ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ وَيَدِ مَوْلَاهُ وَاحِدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَإِنَّ كَسْبَهُ خَالِصُ مِلْكِ مَوْلَاهُ، وَيَدُهُ فِيهِ كَيَدِ مَوْلَاهُ، وَفِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي شَيْءٍ، وَأَحَدُهُمَا مُمْسِكٌ لَهُ بِيَدَيْهِ، وَالْآخَرُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِذَلِكَ نِصْفَانِ هَذَا، وَلَوْ كَانَ ثَوْبٌ فِي يَدِ حُرٍّ، وَعَبْدٍ مَأْذُونٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِيهِ وَمُعْظَمُهُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِطَرَفِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِاعْتِبَارِ الْيَدِ وَيَدُهُ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الثَّوْبِ كَيَدِهِ عَلَى جَمِيعِهِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ طَرَفٌ مِنْ الثَّوْبِ، وَلَيْسَ فِي يَدِ الْآخَرِ مِنْهُ شَيْءٌ فَتَنَازَعَا فِيهِ كَانَ ذُو الْيَدِ أَوْلَى بِجَمِيعِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الطَّرَفُ الَّذِي فِي يَدِهِ مُعْظَمَ الثَّوْبِ أَوْ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُئْتَزِرًا بِهِ مُرْتَدِّيًّا أَوْ لَابِسًا، وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقًا بِهِ أَوْ كَانَتْ دَابَّةً أَحَدُهُمَا رَاكِبٌ عَلَيْهَا، وَالْآخَرُ مُتَمَسِّكٌ بِاللِّجَامِ فَهِيَ لِلرَّاكِبِ وَاللَّابِسِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْعَيْنِ، وَالْيَدُ بِالِاسْتِعْمَالِ تَثْبُتُ حَقِيقَةً دُونَ التَّعْلِيقِ بِهِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ فِي الْعَادَةِ إلَّا صَاحِبُ الْيَدِ، وَيَتَمَكَّنُ الْخَارِجُ مِنْ التَّعَلُّقِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَلْبُوسَ تَبَعٌ لِلَّابِسِ، وَالْمَرْكُوبُ تَبَعٌ لِلرَّاكِبِ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ بِهِ، وَكَانَتْ يَدُهُ فِيمَا هُوَ تَبَعٌ لَهُ مِنْ وَجْهٍ أَقْوَى مِنْ يَدِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ، وَالضَّعِيفُ لَا يَظْهَرُ فِي مُقَابَلَةِ الْقَوِيِّ.

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا رَاكِبُهَا، وَكَانَ الْآخَرُ مُتَعَلِّقًا بِهَا لَا يَسْتَحِقُّ التَّرْجِيحَ بِتَعَلُّقِهِ بِهَا، وَلَوْ كَانَ هَذَا رَاكِبُهَا، وَلَمْ يَكُنْ الْآخَرُ مُتَعَلِّقًا بِهَا كَانَ الرَّاكِبُ أَوْلَى، فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا سَبَبٌ يَسْتَحِقُّ بِهِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مِثْلُهُ كَانَ هُوَ أَوْلَى.

وَلَوْ أَنَّ حُرًّا أَوْ مَأْذُونًا آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ رَجُلٍ يَبِيعُ مَعَهُ الْبَزَّ أَوْ يَخِيطُ مَعَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي ثَوْبٍ فِي يَدِ الْأَجِيرِ فَإِنْ كَانَ فِي حَانُوتِ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ مَعَ مَا فِي يَدِهِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّ حَانُوتَ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَدَهُ ثَابِتَةٌ عَلَيْهِ فَمَا فِي الْحَانُوتِ يَكُونُ فِي يَدِهِ فَالظَّاهِرُ شَاهِدٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّ الْأَجِيرَ لَا يَنْقُلُ أَمْتِعَتَهُ إلَى حَانُوتِ الْمُسْتَأْجِرِ عَادَةً خُصُوصًا مَا لَيْسَ مِنْ أَدَاةِ عَمَلِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي السِّكَّةِ أَوْ فِي مَنْزِلِ الْأَجِيرِ فَهُوَ لِلْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا وَيَدُ الْأَجِيرِ ثَابِتَةٌ عَلَى الثَّوْبِ حَقِيقَةً، وَبِعَقْدِ الْإِجَارَةِ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فِي أَمْتِعَتِهِ، وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ فِي هَذَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ دَافِعَةٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْغَيْرِ.

وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ آجَرَهُ مَوْلَاهُ لِرَجُلٍ، وَكَانَ مَعَ الْعَبْدِ ثَوْبٌ فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: هُوَ لِي وَقَالَ مَوْلَاهُ: هُوَ لِي كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ سَوَاءٌ كَانَ فِي السِّكَّةِ أَوْ فِي السُّوقِ أَوْ فِي حَانُوتِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>