للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَالْمَدْفُوعُ كَالْآلَةِ وَإِذَا نَحَّى رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَعَطِبَ بِهِ آخَرُ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي نَحَّاهُ وَقَدْ خَرَجَ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ لِأَنَّ حُكْمَ فِعْلِهِ قَدْ انْفَسَخَ بِفَرَاغِ الْمَوْضِعِ الَّذِي شَغَلَهُ بِمَا أَحْدَثَ فِيهِ وَإِنَّمَا شُغِلَ بِفِعْلِ الثَّانِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ فَهُوَ كَالْمُحْدِثِ لِذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَإِلْقَاءُ التُّرَابِ فِي الطَّرِيقِ وَاِتِّخَاذُ الطِّينِ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ إلْقَاءِ الْحَجَرِ وَالْخَشَبَةِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَنَسَ الطَّرِيقَ فَعَطِبَ بِمَوْضِعٍ كَنَسَهُ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِي الطَّرِيقِ شَيْئًا إنَّمَا كَنَسَ الطَّرِيقَ لِكَيْ لَا يَتَضَرَّرَ بِهِ الْمَارَّةُ وَلَا يُؤْذِيَهُمْ التُّرَابُ فَلَا يَكُونُ هَذَا مُتَعَدِّيًا فِي هَذَا السَّبَبِ.

وَلَوْ رَشَّ الطَّرِيقَ أَوْ تَوَضَّأَ فِي الطَّرِيقِ فَعَطِبَ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ إنْسَانٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّ مَا أَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ مِنْ صَبِّ الْمَاءِ يُلْحِقُ الضَّرَرَ بِالْمَارَّةِ وَيَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرُورِ مَخَافَةَ أَنْ تَزِلَّ أَقْدَامُهُمْ وَهَذَا كُلُّهُ فِي طَرِيقٍ هُوَ لِلْعَامَّةِ فَإِنْ كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَاَلَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ شَرِكَةً خَاصَّةً وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ أَحَدَ الشُّرَكَاءِ إذَا أَحْدَثَ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا.

وَإِذَا أَشْرَع الرَّجُلُ جَنَاحًا إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ فَأَصَابَ الْجَنَاحُ رَجُلًا فَقَتَلَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ كَانَ جَانِيًا بِوَضْعِ الْجَنَاحِ فَإِنَّ سِوَاءَ الطَّرِيقِ كَرَقَبَةِ الطَّرِيقِ فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهِ شَيْئًا يَكُونُ جَانِيًا وَبِالْبَيْعِ لَمْ يُنْسَخْ حُكْمُ فِعْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْزِعْ الْمَوْضِعَ الَّذِي شَغَلَهُ بِمَا أَحْدَثَهُ فَبَقِيَ ضَامِنًا عَلَى حَالِهِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ الْجَنَاحَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ كَانَ ضَامِنًا لِمَا تَلِفَ بِهِ فَلَمَّا كَانَ عَدَمُ الْمِلْكِ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ سَبَبِ الضَّمَانِ فَكَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مَا أَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ شَيْئًا وَكَذَلِكَ الْمِيزَابُ فَإِنْ سَقَطَ الْمِيزَابُ يُصْرَفَانِ فَإِنْ أَصَابَ مَا كَانَ مِنْهُ فِي الْحَائِطِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَضَعَ ذَلِكَ الطَّرَفَ مِنْ الْمِيزَابِ فِي مِلْكِهِ وَإِحْدَاثُ شَيْءٍ فِي مِلْكِهِ لَا يَكُونُ تَعَدِّيًا وَإِنْ أَصَابَهُ مَا كَانَ خَارِجًا مِنْهُ مِنْ الْحَائِطِ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي وَضَعَهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي ذَلِكَ الطَّرَفِ فَإِنَّهُ شَغَلَ بِهِ هَوَاءَ الطَّرِيقِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّهمَا أَصَابَهُ فَفِي الْقِيَاسِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَصَابَهُ الطَّرَفُ الدَّاخِلُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا وَإِنْ أَصَابَهُ الطَّرَفُ الْخَارِجُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَالضَّمَانُ بِالشَّكِّ لَا يَجِبُ لِأَنَّ فَرَاغَ ذِمَّتِهِ ثَابِتٌ يَقِينًا وَفِي الْإِشْغَالِ شَكٌّ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هُوَ ضَامِنٌ لِلنِّصْفِ لِأَنَّهُ فِي حَالٍ هُوَ ضَامِنٌ لِلْكُلِّ وَفِي حَالٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَيَتَوَزَّعُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَحْوَالِ لِيَتَحَقَّقَ بِهِ مَعْنَى النَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ الْفَعَلَةَ لِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ أَوْ الظُّلَّةِ فَوَقَعَ فَقَتَلَ إنْسَانًا فَإِنْ سَقَطَ مِنْ عَمَلِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغُوا مِنْهُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ دُونَ رَبِّ الدَّارِ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ لِتَقْصِيرِهِمْ فِي الْإِمْسَاكِ فَكَأَنَّهُمْ أَلْقَوْا ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>