للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ مَا فَقَأَتْ عَيْنَهَا فَاخْتَارَ الْمَوْلَى دَفْعَهُمَا فَإِنَّهُ يَدْفَعُ الْبِنْتَ وَإِنَّمَا يَبْدَأُ بِهَا لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي ابْتَدَأَتْ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْأُمِّ فَيَضْرِبُ فِيهَا أَوْلِيَاءَ قَتِيلِهَا بِالدِّيَةِ وَوَلِيَّ قَتِيلِ الْأُمِّ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ ثُمَّ يَكُونُ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ مِنْ الْبِنْتِ مَعَ الْأُمِّ وَيَدْفَعُ الْأُمَّ وَمَا أَصَابَهَا بِأَرْشِ عَيْنِهَا مِنْ الْبِنْتِ فَيَكُونُ مَا دَفَعَ بِهَا مِنْ الْبِنْتِ لِوَلِيِّ قَتِيلِ الْأُمِّ خَاصَّةً لِأَنَّ الْأُمَّ حِينَ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ الْأُولَى كَانَتْ عَيْنُهَا صَحِيحَةً فَيَثْبُتُ حَقُّ الْمَوْلَى فِي بَدَلِ تِلْكَ الْعَيْنِ.

وَلَا مُزَاحَمَةَ فِيهِ لِأَوْلِيَاءِ جِنَايَةِ الْبِنْتِ وَهِيَ عَوْرَاءُ فَلَا يَثْبُتُ حَقُّهُمْ فِي بَدَلِ عَيْنِهَا ثُمَّ يَضْرِبُ وَلِيُّ قَتِيلِ الْأُمِّ فِي الْأُمِّ بِمَا بَقِيَ مِنْ الدِّيَةِ وَيَضْرِبُ فِيهَا وَلِيُّ جِنَايَةِ الْبِنْتَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنْتِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ طَعَنُوا فِي هَذَا الْجَوَابِ فَقَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يَضْرِبَ أَوْلِيَاءُ قَتِيلِ الْبِنْتِ فِي الْبِنْتِ بِالدِّيَةِ إلَّا مِقْدَارَ مَا يَصِلُ إلَيْهِمْ مِنْ الْأُمِّ بِاعْتِبَارِ جِنَايَتِهَا عَلَى نِصْفِ الْبِنْتِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْمَالُ وَبِاعْتِبَارِ الْمَالِ سَلِمَ لَهُ هَذَا وَلَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ أَصَحُّ لِأَنَّ عِنْدَ دَفْعِ الْبِنْتِ لَمْ يَصِلْ إلَى أَوْلِيَاءِ قَتِيلِهَا شَيْءٌ بَعْدُ فَيَضْرِبُونَ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِمَا يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّ رَجُلًا لَوْ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلِرَجُلٍ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاقْتَسَمَا الْأَلْفَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْأَلْفَيْنِ أَبْرَأَهُ عَنْ الْأَلْفِ لَا يَتَغَيَّرُ بِهَذَا الْإِبْرَاءِ حُكْمٌ تِلْكَ الْقِسْمَةِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَإِنْ اخْتَارَ الْوَلِيُّ الْفِدَاءَ فِيهِمَا فَدَاهُمَا بِدِيَتَيْنِ وَأَمْسَكَهُمَا جَمِيعًا لِأَنَّهُ يُفْدِي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِدِيَةِ قَتِيلِهَا وَقَدْ خَلَصَتَا لِلْمَوْلَى وَلَا يُعْتَبَرُ جِنَايَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبَتِهَا.

قَالَ وَإِذَا قَتَلَتْ الْأَمَةُ رَجُلًا خَطَأً ثُمَّ وَلَدَتْ بِنْتًا ثُمَّ إنَّ ابْنَتَهَا قَتَلَتْهَا فَإِنَّهُ يُقَالُ لِمَوْلَاهَا ادْفَعْهَا أَوْ افْدِهَا بِقِيمَةِ الْأُمِّ لِأَنَّ الْبِنْتَ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَجَارِيَةٍ أُخْرَى لِلْمَوْلَى.

وَلَوْ جَنَتْ الْأَمَةُ وَهِيَ حَامِلٌ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهَا فَالْوَلَدُ لِلْمَوْلَى لِأَنَّ الْوَلَدَ زِيَادَةٌ انْفَصَلَتْ عَنْهَا قَبْلَ تَقَرُّرِ حَقِّ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ فِيهَا وَإِذَا وَلَدَتْ آخَرَ بَعْدَ الدَّفْعِ فَهُوَ لِلْمَدْفُوعِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الْمِلْكِ.

وَلَوْ جَنَتْ الْأَمَةُ جِنَايَةً خَطَأً ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدَهَا فَقَطَعَ الْوَلَدُ يَدَهَا فَالْمَوْلَى بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْأُمَّ وَنِصْفَ قِيمَتِهَا إلَى أَهْلِ الْجِنَايَةِ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهَا وَوَلَدَهَا وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَأَعْطَى الْأَرْشَ لِأَنَّ الْوَلَدَ بِمَنْزِلَةِ مَمْلُوكٍ آخَرَ لِلْمَوْلَى إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ أَوْلِيَاءِ جِنَايَتِهَا وَقَدْ أَتْلَفَ الْوَلَدُ نِصْفَ الْأُمِّ فَتُعْتَبَرُ جِنَايَتُهُ عَلَيْهَا بِحَقِّ أَوْلِيَاءِ جِنَايَتِهَا فَلِهَذَا خَيَّرَ الْمَوْلَى عَلَى مَا بَيَّنَّا سَوَاءٌ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلَ نِصْفِ قِيمَتِهَا وَلَوْ جَنَى عَلَيْهَا عَبْدٌ لِغَيْرِهِ فَأَخَذَ الْأَرْشَ أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ أَرْشَ جِنَايَتِهَا وَأَمْسَكَ الْبَاقِيَ لِأَنَّ جِنَايَةَ عَبْدِ الْغَيْرِ عَلَيْهَا مُعْتَبَرَةٌ لِحَقِّ الْمَوْلَى فَإِذَا قَبَضَ الْأَرْشَ الْتَحَقَ ذَلِكَ بِسَائِرِ أَمْلَاكِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>