للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ بَدَلُ عَبْدِهِ وَأَوْلِيَاءُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ مَوْلَاهُ فَيَضْرِبُ فِي ذَلِكَ وَرَثَةُ الْحُرِّ بِرُبْعِ دِيَةِ الْحُرِّ وَمَوْلَى الْمُدَبَّرِ بِرُبْعِ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ وَمَوْلَى الْمُكَاتَبِ بِرُبْعِ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ الْعَبْدَ كَانَ جَنَى عَلَى رُبْعِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَلِهَذَا كَانَتْ قِيمَةُ بَدَلِهِ بَيْنَهُمْ.

[بَابُ الْجِنَايَاتِ بِالْكَنِيفِ وَالْمِيزَابِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا أَخْرَجَ الرَّجُلُ كَنِيفًا شَارِعًا مِنْ دَارِهِ عَلَى الطَّرِيقِ أَوْ مِيزَابًا أَوْ مَصَبًّا أَوْ صَلَايَةً مِنْ حَائِطٍ فَمَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ فَعَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي أَخْرَجَهُ دِيَتُهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي تَسَبُّبِهِ حَتَّى شَغَلَ طَرِيقَ الْمُسْلِمِينَ بِمَا أَحْدَثَهُ فِيهِ إمَّا فِي رَقَبَةِ الطَّرِيقِ أَوْ فِي هَوَاهُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحُولُ بَيْنَ الْمَارَّةِ وَبَيْنَ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ وَفِي الْمِيزَابِ إذَا أَصَابَ الَّذِي فِي الْحَائِطِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي مَوْضِعِ هَذَا الطَّرَفِ فِي مِلْكِهِ وَقَدْ بَيَّنَّا تَفْصِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَلَوْ وَضَعَ خَشَبَةً عَلَى الطَّرِيقِ فَتَعَرْقَلَ بِهِ رَجُلٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ لِأَنَّهُ شَغَلَ رَقَبَةَ الطَّرِيقِ بِالْخَشَبَةِ الَّتِي وَضَعَهَا فِيهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَنَى فِي الطَّرِيقِ دُكَّانًا أَوْ جَلَسَ فِيهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَضَعَ ظِلَّهُ عَلَى الطَّرِيقِ فَإِنْ وَطِئَ الْمَارُّ عَلَى الْخَشَبَةِ وَوَقَعَ فَمَاتَ كَانَ ضَامِنًا لَهُ بَعْدَ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ الزَّلَقَ قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْخَشَبَةُ كَبِيرَةً يُوطَأُ عَلَى مِثْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ عَلَى مِثْلِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي وَضَعَهَا لِأَنَّ وَطْأَهُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْخَشَبَةِ بِمَنْزِلَةِ تَعَمُّدِ الزَّلَقِ أَوْ بِمَنْزِلَةِ التَّعَرْقُلِ بِالْحَجَرِ الْمَوْضُوعِ عَلَى الطَّرِيقِ عَمْدًا وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ فَطَرَيَانُ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى التَّسْبِيبِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَأَلْقَى إنْسَانٌ نَفْسَهُ فِيهَا عَمْدًا فَإِنْ قَالَ وَاضِعُ الْحَجَرِ ذَلِكَ أَنَّهُ تَعَمَّدَ التَّعَرْقُلَ بِهِ وَكَذَّبَهُ الْوَلِيُّ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فِي الْبِئْرِ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاضِعِ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَاضِعِ الْجَارِحِ إذَا ادَّعَى أَنَّ الْمَجْرُوحَ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ عِلَّةٌ مُوجِبَةٌ لِلضَّمَانِ فَبَعْدَ وُجُودِ الْعِلَّةِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْعَارِضِ الْمُسْقِطِ، وَهَا هُنَا الْوَاضِعُ وَالْحَافِرُ يَدَّعِي صَلَاحِيَةَ الْعِلَّةِ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ فَإِنَّمَا يُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الشَّرْطِ عِنْدَ عَدَمِ صَلَاحِيَةِ الْعِلَّةِ لِذَلِكَ، وَالْأَصْلُ هُوَ الصَّلَاحِيَةُ فَكَانَ هُوَ مُتَمَسِّكًا بِالْأَصْلِ مَعْنًى مُنْكِرًا لِسَبَبِ الضَّمَانِ فَلِهَذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.

وَإِذَا تَعَرْقَلَ الرَّجُلُ بِحَجَرٍ فَوَقَعَ عَلَى حَجَرٍ وَمَاتَ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ دَافِعٌ لَهُ بِحَجَرِهِ عَلَى الْحَجَرِ الثَّانِي فَكَأَنَّهُ دَفَعَهُ بِيَدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاضِعٌ فَهُوَ عَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ لِأَنَّ وَضْعَ الْحَجَرِ الثَّانِي سَبَبٌ وَهُوَ التَّعَدِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>