للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا؛ لِأَنَّ فِي بَيْع الْبَعْضِ إضْرَارًا بِالصَّغِيرِ وَالْكَبِير جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ يَثْبُت بِهِ نَصِيبُ الْكَبِيرِ وَالْأَشْقَاصُ لَا يُشْتَرَى بِمَا يُشْتَرَى بِهِ الْجُلُّ فَكَانَ فِي بَيْع الْكُلِّ تَوَفُّرُ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِمْ وَلِلْوَصِيِّ وِلَايَةٌ فِي نَصِيبِ الْكَبِيرِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى تَوْفِيرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ يَمْلِك الْحِفْظ وَبَيْع الْمَنْقُولَات حَالّ غِيبَته لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَة لَهُ قَالَ، وَإِذَا أَوْصَى بِالثُّلُثِ فِي أَشْيَاء يُشْتَرَى بِهِ وَيَتَصَدَّق بِهَا وَالْوَرَثَة كُلّهمْ كِبَار فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيع الْعَقَار كُلّه فِي قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَوْفِيرِ الْمَنْفَعَة عَلَى الْوَرَثَةِ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيع مِنْ الْعَقَار غَيْر الثُّلُث؛ لِأَنَّ ثُبُوت الْوِلَايَة لَهُ بِسَبَبِ الْوَصِيَّة فَيَقْتَصِر عَلَى مَعْدِن الْوَصِيَّة، وَهُوَ الثُّلُثُ، فَإِنْ كَانَتْ الْوَرَثَة كِبَارًا كُلّهمْ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْن وَلَمْ يُوصِ بِشَيْءِ، فَإِنْ كَانَتْ الْكِبَار غُيَّبًا أَوْ بَعْضهمْ كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيع الْحَيَوَان وَالْعُرُوض؛ لِأَنَّهُ يَمْلِك حِفْظَ التَّرِكَة إلَى أَنْ يَحْضُرُوا فَيَقْتَسِمُوا وَبَيْع الْحَيَوَان وَالْعُرُوض مِنْ الْحِفْظ؛ لِأَنَّهُ يَخْشَى عَلَيْهَا التَّلَف وَحِفْظُ الثَّمَنِ أَيْسَر وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَة بَيْع الْعَقَار؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّة بِنَفْسِهَا فَبَيْعهَا لَيْسَ مِنْ الْحِفْظ.

وَإِنْ كَانُوا حُضُورًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيع شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنْ يُسْلَم الْكُلّ إلَيْهِمْ لِيَنْظُرُوا فِيهِ لِأَنْفُسِهِمْ بِالْبَيْعِ أَوْ الْقِسْمَة بَيْنهمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ النَّظَر لِأَنْفُسِهِمْ إذَا كَانُوا حُضُورًا فَلَا حَاجَة إلَى نَظَّرَ الْوَصِيّ لَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا غُيَّبًا فَأَجْر الْوَصِيّ عَبْدًا أَوْ دَابَّة فَهُوَ جَائِز؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَاب النَّظَر وَالْحِفْظ، فَإِنَّ الْمَنْفَعَة أَقْرَب إلَى الْهَلَاك مِنْ الْعَيْن؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى وَقْتَيْنِ فَفِي اسْتِبْدَال ذَلِكَ بِمَا يَبْقَى لَهُمْ، وَهِيَ الْأُجْرَة تُوَفِّر الْمَنْفَعَة عَلَيْهِمْ وَمَا اشْتَرَى الْوَصِيّ لِلرَّقِيقِ مِنْ الْكِسْوَة فَلَا ضَمَان عَلَى الْوَصِيّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أُمَّيْنِ حَافِظ لَهُمْ بِحَقِّ فَهَلَاكه فِي يَده كَهَلَاكِهِ فِي أَيْدِيهمْ، وَإِذَا قَسَمَ الْوَصِيّ الْمَال بَيْنهمْ وَهُمْ كِبَار فَأَعْطَى نَصِيب الْحُضُور مِنْهُمْ وَأَمْسَكَ نَصِيب الْغَائِب فَهُوَ جَائِز؛ لِأَنَّهُ فِي الْعُرُوض يَمْلِك الْبَيْع فِي نَصِيب الْغَائِب فَيَمْلِك الْقِسْمَة أَيْضًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ فِي قَسَمَتْهُ مَعْنَى الْحِفْظ فِي حَقّ الْغَائِب؛ لِأَنَّهُ يَتَمَيَّز بِالْقِسْمَةِ مُلْكه مِنْ مِلْك غَيْره

وَإِذَا قَسَمَ الْوَصِيَّانِ مَالَ الْوَرَثَةِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَائِفَةً فَقَالَ أَحَدُهُمَا الَّذِي عِنْدِي لِفُلَانٍ خَاصَّةً وَاَلَّذِي عِنْدَك لِفُلَانٍ فَقِسْمَتُهُمَا بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّيْنِ فِي التَّصَرُّفِ كَوَصِيٍّ وَاحِدٍ وَالْوَصِيُّ الْوَاحِدُ لَوْ قَاسَمَ نَفْسَهُ لَمْ تَجُزْ الْقِسْمَةُ فَكَذَلِكَ الْوَصَايَا، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَسْتَبِدُّ بِالتَّصَرُّفِ عِنْدَهُمَا وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيَسْتَبِدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فَإِذَا اجْتَمَعَا فِي تَصَرُّفٍ كَانَا فِي ذَلِكَ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ وَقَدْ اجْتَمَعَا فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ فَهُمَا فِيهِ كَوَصِيٍّ وَاحِدٍ.

وَلَوْ غَابَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ فَقَاسَمَ الْآخِرُ الْوَرَثَةَ وَأَعْطَى الْكِبَارَ حِصَّتَهُمْ وَأَمْسَكَ حِصَّةَ الصَّغِيرِ، فَإِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>