للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَفَوَاتُهُ لَا يُوجِبُ عَلَيْهَا السِّعَايَةَ كَمَا لَوْ كَانَ شَرَطَ عَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ أَوْ تُصَلِّيَ تَطَوُّعًا يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْقَدْرَ الْمَشْرُوطَ امْتِنَاعُهَا مِنْ الزَّوَاجِ عَقِيبَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَعْقُبْ ذَلِكَ.

وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: هِيَ حُرَّةٌ إنْ ثَبَتَتْ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ عَلَى أَنْ لَا تَرْجِعَ عَنْ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَقَامَتْ عَلَى الْإِسْلَامِ سَاعَةً بَعْدَ مَوْتِهِ فَهِيَ حُرَّةٌ مِنْ ثُلُثِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الشَّرْطُ ثَبَاتُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ إلَى وَقْتِ مَوْتِهَا، فَإِنَّ الْجَزَاءَ وَهُوَ الْعِتْقُ لَا يُتْرَكُ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّفْظُ إذَا تَعَذَّرَ فِيهِ اعْتِبَارُ الْأَقْصَى يُعْتَبَرُ الْأَدْنَى وَذَلِكَ فِي أَنْ تَثْبُتَ عَلَى الْإِسْلَامِ سَاعَةً بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ ظَاهِرُ مَا قَالَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ يَتَنَجَّزُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَنْجِيزٍ، وَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ لَمْ يُضِفْ ذَلِكَ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَأَمَّا إذَا أَضَافَهُ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَإِنَّهَا لَا تُعْتَقُ حَتَّى تُعْتَقَ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إذَا لَمْ يَتَنَجَّزْ بِنَفْسِ الْمَوْتِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّنْفِيذِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ بَيَّنَّا مَا فِي هَذَا مِنْ الْكَلَامِ فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ.

وَلَوْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ أَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ أَوْ عَلَى أَنْ تَثْبُتَ مَعَ وَلَدِي فَقَبِلَتْ وَفَعَلَتْ مَا شَرَطَ عَلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ يَوْمًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَلَهَا الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ وُجُودُ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ لِعِلْمِنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْأَقْصَى فَيَتِمُّ اسْتِحْقَاقُهَا بِقَبُولِهَا لِوُجُودِ ذَلِكَ الْأَدْنَى مِنْهَا، ثُمَّ لَوْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ وَصِيَّتُهَا

وَلَوْ أَوْصَى لِخَادِمَةٍ أَنْ تُقِيمَ مَعَ أَبِيهِ أَوْ مَعَ ابْنَيْهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَا، ثُمَّ هِيَ حُرَّةٌ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ، فَإِنْ كَانَا كَبِيرَيْنِ خَدَمَتْهُمَا حَتَّى تَتَزَوَّجَ الْجَارِيَةُ وَيُصِيبَ الْغُلَامُ خَادِمًا أَوْ مَالًا يَبْلُغُ خَادِمًا يَسْتَغْنِي بِهِ عَنْ خِدْمَتِهَا.

وَإِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ تَخْدُمُهُمَا حَتَّى يُدْرِكَا فَإِذَا أَدْرَكَا عَتَقَتْ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ اللَّفْظِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَتَفَاهَمُ النَّاسُ فِي مُخَاطَبَاتِهِمْ، وَهُوَ شَرَطَ عَلَيْهَا الْخِدْمَةَ إلَى غَايَةٍ، وَهُوَ اسْتِغْنَاؤُهُمَا عَنْ خِدْمَتِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ تِلْكَ الْغَايَةِ، وَهِيَ اسْتِغْنَاءُ الْكَبِيرِ عَنْ خِدْمَتِهَا فَإِذَا كَانَا صَغِيرَيْنِ فَاسْتِغْنَاؤُهُمَا يَكُونُ بِالْإِدْرَاكِ؛ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ ذَلِكَ يَتَمَكَّنَانِ مِنْ الْقِيَامِ بِخِدْمَتِهِمَا فَإِذَا وُجِدَتْ تِلْكَ الْغَايَةُ فَقَدْ وُجِدَ مَا شُرِطَ عَلَيْهَا فَيَجِبُ إعْتَاقُهَا مِنْ ثُلُثِهِ حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا أُعْتِقَتْ وَسَعَتْ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا لِلْوَرَثَةِ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَا قَبْلَ أَنْ يَسْتَغْنِيَا بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ بِالْعِتْقِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ.

وَإِذَا أَوْصَى النَّصْرَانِيُّ بِخَادِمَةٍ لَهُ بِالْعِتْقِ إنْ ثَبَتَتْ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ عَلَى الْإِسْلَامِ فَثَبَتَتْ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ سَاعَةً أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهَا تُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِهِ، فَإِنْ تَغَيَّرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَبْطُلْ وَصِيَّتُهَا وَعِتْقُهَا مَاضٍ.

وَإِنْ أَسْلَمَتْ عَقِيبَ مَوْتِهِ بِلَا فَصْلٍ وَلَمْ تَثْبُتْ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ، فَإِنَّهَا لَا تُعْتَقُ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ أَدْنَى مَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ وَشَرْطُ ثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ ثَبَاتُهَا عَلَى مَا شَرَطَ عَلَيْهَا، وَهُوَ أَنْ تَثْبُتَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنْ ثَبَتَتْ عَلَى ذَلِكَ سَاعَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>