للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ، فَإِنَّهُ مَا رَضِيَ بِأَنَّهُ يُطَالَبُ بِحُكْمِ هَذَا الْعَقْدِ بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ حَلِّ الْأَجَلِ، فَإِذَا تَوَجَّهَتْ الْمُطَالَبَةُ عَلَيْهِ بِهِ فَقَدْ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ، وَذَلِكَ يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِانْعِدَامِ تَمَامِ الرِّضَى فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ وَيَرُدَّ عَلَيْهِمْ رَأْسَ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ أَنْ يُؤَخِّرُوا عَنْهُ الطَّعَامَ إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا نَفَّذُوا التَّأْجِيلَ فِي جَمِيعِ الطَّعَامِ فَقَدْ سَلِمَ لَهُ شَرْطُ عَقْدِهِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الْفَسْخِ.

وَإِنْ لَمْ يَتَخَيَّرْ شَيْئًا حَتَّى مَاتَ حَلَّ الْأَجَلُ وَبَطَلَ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مُوجِبُ الْعَقْدِ هُنَا، فَإِنَّ الْأَجَلَ يَحِلُّ بِمَوْتِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَتَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ، أَمَّا لِوُقُوعِ الِاسْتِغْنَاءِ لَهُ عَنْ الْأَجَلِ أَوْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمَّا صَارَ فِي مَعْنَى التَّحَوُّلِ إلَى التَّرِكَةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْنِ، وَالْعَيْنُ لَا تَقْبَلُ الْأَجَلَ، وَإِنْ كَانَ بِمَوْتِ رَبِّ السَّلَمِ فَقَدْ حَلَّ الْأَجَلُ، فَالطَّعَامُ حَالٌّ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ

وَإِنْ كَانَ السَّلَمُ يُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَمَاتَ رَبُّ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ حَيٌّ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّ عَلَى الْوَرَثَةِ رَأْسَ الْمَالِ كُلِّهِ وَأَبْطَلَ السَّلَمَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ عَلَيْهِمْ سُدُسَ رَأْسِ الْمَالِ وَأَدَّى الطَّعَامَ كُلَّهُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ فِي تَبَرُّعِهِ هُنَا بَيْنَ الْأَجَلِ، وَالْمَالِ، وَتَبَرُّعُهُ بِالْمَالِ اسْتَغْرَقَ الثُّلُثَ وَزَادَ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ بِالْأَجَلِ فِي شَيْءٍ وَيَسْلَمُ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ ثُلُثُ الْمَالِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ يَبْقَى سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ الطَّعَامَ فِي الْحَالِ، وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ رَأْسُ الْمَالِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ حَتَّى يُسَلِّمَ لِلْوَرَثَةِ ثُلُثَيْ الْمَالِ فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ عَلَيْهِ شَرْطُ عَقْدِهِ، فَإِذَا اخْتَارَ الْفَسْخَ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّ جَمِيعِ رَأْسِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمُحَابَاةِ كَانَتْ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ، فَلَا يَبْقَى بَعْدَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ، وَلَا يُقَالُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ تَبَرُّعُهُ فِي الْأَجَلِ، وَالْمَالِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ الثُّلُثِ فَيُعْطِي ثُلُثَيْ الطَّعَامِ فِي الْحَالِ وَثُلُثَ الطَّعَامِ عَلَيْهِ إلَى أَجَلِهِ وَتَسْلَمُ لَهُ ثُلُثُ الْخَمْسِينَ وَيُرَدُّ ثُلُثُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْحَالِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَهَذَا لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ التَّوَزُّعَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا وَلَا مُسَاوَاةَ بَيْنَ أَصْلِ الْمَالِ، وَالْأَجَلِ، ثُمَّ لَوْ جَعَلْنَا هَكَذَا، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَوَجَبَ قَضَاءُ مَا بَقِيَ مِنْ الطَّعَامِ وَجَبَ رَدُّ نِصْفِ الْمَقْبُوضِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَرُدُّوا ذَلِكَ حَصَلَ لِلْوَرَثَةِ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ، فَإِنَّ عَقْدَ السَّلَمِ يُنْتَقَضُ فِي الْمَرْدُودِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِفَوَاتِ الْقَبْضِ، فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَعُودَ الْعَقْدُ فِيهِ بِدُونِ التَّجْدِيدِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ رَجُلَيْنِ، فَإِنَّ الطَّرِيقَ فِي التَّخْرِيجِ وَاحِدٌ

وَلَوْ أَسْلَمَ الْمَرِيضُ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي عَشَرَةً، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ حَلّ الْأَجَلِ فَالْمُسَلَّمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ نَقَضَ السَّلَمَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ ثُلُثَ رَأْسِ الْمَالِ وَأَدَّى الْكُرَّ كُلَّهُ لِمَا بَيَّنَّا بِأَنَّ تَبَرُّعَهُ بِأَصْلِ الْمَالِ فِي الثُّلُثِ مُقَدَّمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>