للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِشْرُونَ وَأَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا يُسَاوِي ثَلَاثِينَ فَضَاعَ الرَّهْنُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ، فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ كَمَا قُلْنَا إنْ شَاءَ رَدَّ الدَّرَاهِمَ وَأَخَذَ كُرًّا مِثْلَ كُرِّهَ؛ لِأَنَّهُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِلْكُرِّ، وَهُوَ أَمِينٌ فِي الزِّيَادَةِ، فَعِنْدَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ يَرُدُّ كُرًّا مِثْلَ كُرِّهَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْوَرَثَةِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ مَالَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ ثَلَاثُونَ دِرْهَمًا، فَإِنَّ الْكُرَّ مُسْتَهْلَكٌ فَلَا يُحْتَسَبُ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَإِنَّمَا يَسْلَمُ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ عَشَرَةٌ، وَيَرُدُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَذَلِكَ ثُلُثَا تَرِكَةِ الْمَيِّتِ.

وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كُرٍّ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، وَأَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ، قَدْ حَلَّ الْكُرُّ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةٌ، فَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إلَّا عَيْنُ الْكُرِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَابِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ حِينَ أَسْلَمَ، وَإِنَّمَا مَاتَ بَعْدَ حَلِّ الْأَجَلِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ مُحَابَاةٌ كَانَ مُبَاشَرَتُهُ فِي الصِّحَّةِ، وَالْمَرَضِ سَوَاءً

وَلَوْ أَسْلَمَ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فِي مَرَضِهِ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ قِيمَتُهُ يَوْمئِذٍ عِشْرُونَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ وَقِيمَةُ الْكُرِّ يَوْمَ مَاتَ عَشَرَةٌ فَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ، فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ لِتَغَيُّرِ شَرْطِ الْعَقْدِ، وَعِنْدَ إمْضَاءِ الْعَقْدِ يُؤَدِّي الْكُرَّ وَيَرُدُّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَشَرَةً؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ هُنَا مُحَابَاةٌ، وَإِنَّمَا تَسْلَمُ الْمُحَابَاةُ لَهُ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ فَيَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الْكُرِّ وَقْتَ الْخُصُومَةِ، وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْخُصُومَةِ عَشَرَةٌ وَحَقُّ الْوَرَثَةِ فِي عِشْرِينَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مَعَ الْكُرِّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَشَرَةً بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، فَهُنَاكَ لَا مُحَابَاةَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ حِينَ وَقَعَ السَّلَمُ فَكَانَتْ مُبَاشَرَتُهُ فِي الْمَرَضِ وَمُبَاشَرَتُهُ فِي الصِّحَّةِ سَوَاءً إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَصِيَّةٌ، فَإِنْ أَعْطَاهُ الْكُرَّ رَهْنًا فَفِي حُكْمِ الرَّهْنِ يَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الْكُرِّ يَوْمَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ بَدْءَ الِاسْتِيفَاءِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِقَبْضِ الرَّهْنِ فَيَعْتَبِرُ قِيمَتَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ: مَرِيضٌ أَسْلَمَ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ، وَأَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا بِالْكُرِّ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ، ثُمَّ مَاتَ رَبُّ السَّلَمِ فَصَارَ قِيمَةُ الْكُرِّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، قَدْ ضَاعَ الرَّهْنُ، فَإِنَّ الرَّهْنَ يَذْهَبُ بِالْكُرِّ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمئِذٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ بِالْكُرِّ فَيَنْعَقِدُ بِهِ الِاسْتِيفَاءُ بِقَبْضِ الرَّهْنِ وَيَتِمُّ بِهَلَاكِهِ، ثُمَّ يَكُونُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالْخِيَارِ: إنْ شَاءَ رَدَّ الدَّرَاهِمَ وَأَخَذَ كُرًّا مِثْلَ كُرِّهَ؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْكُرِّ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِيفَائِهِ حَقِيقَةً، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَى الْوَرَثَةِ سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَثُلُثَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكُرَّ مُسْتَهْلَكٌ، فَإِذَا رَفَعْت قِيمَتَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ يَوْمَ يَقَعُ السَّلَمُ بَقِيَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، فَذَلِكَ مَالُ الْمَيِّتِ فَيَسْلَمُ لِصَاحِبِ الْمُحَابَاةِ ثُلُثُ ذَلِكَ، وَيَرُدُّ عَلَى الْوَرَثَةِ ثُلُثَيْهَا، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ.

وَلَوْ أَسْلَمَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فِي كُرٍّ يُسَاوِي عِشْرِينَ، وَأَخَذَ مِنْهُ رَهْنًا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ فَزَادَتْ قِيمَةُ الْكُرِّ حَتَّى صَارَتْ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ مَاتَ رَبُّ السَّلَمِ، قَدْ ضَاعَ الرَّهْنُ، فَإِنَّ الرَّهْنَ يَذْهَبُ بِقِيمَةِ الْكُرِّ يَوْمئِذٍ؛ لِأَنَّ بِقَبْضِ الرَّهْنِ يَثْبُتُ لَهُ بَدْءُ الِاسْتِيفَاءِ فِي جَمِيعِ الْكُرِّ، فَإِنَّ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>