للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيك شَيْئًا، وَلَكِنِّي أُشَاوِرُ أَصْحَابِي فَجَمَعَهُمْ وَسَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَشَهِدَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الْجَدَّةَ السُّدُسَ ثُمَّ جَاءَتْ أُمُّ الْأَبِ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَتْ أَعْطِنِي مِيرَاث وَلَدَ ابْنِي فَقَالَ لَا أَجِدُ لَك فِي كِتَابِ اللَّهِ نَصِيبًا وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيك شَيْئًا، وَلَكِنِّي أَرَى أَنَّ ذَلِكَ السُّدُسَ بَيْنَكُمَا إذَا اجْتَمَعَتَا وَهُوَ لِمَنْ انْفَرَدَ مِنْكُمَا، ثُمَّ لَا يَزْدَادُ نَصِيبُ الْجَدَّاتِ عَلَى السُّدُسِ، وَإِنْ كَثُرْنَ إلَّا عِنْدَ الرَّدِّ، وَلَا يُنْقَصُ إلَّا عِنْدَ الْعَوْلِ.

فَأَمَّا الزَّوْجُ فَهُوَ صَاحِبُ فَرْضٍ وَلَهُ حَالَانِ النِّصْفُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى وَالرُّبُعُ عِنْدَ وُجُودِهِ ثَبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: ١٢] الْآيَةَ، وَلَا يَزْدَادُ الزَّوْجُ عَلَى النِّصْفِ بِذَلِكَ بِحَالٍ، وَلَا يَنْقُصُ عَنْ الرُّبُعِ إلَّا عِنْدَ الْعَوْلِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَهِيَ صَاحِبَةُ فَرْضٍ وَلَهَا حَالَانِ الرُّبُعُ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى وَالثُّمُنُ عِنْدَ وُجُودِهِ ثَبَتَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: ١٢] الْآيَةَ وَنَصِيبُ الزَّوْجَاتِ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ اثْنَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا لَا يُزَادُ لَهُنَّ عَلَى الرُّبُعِ بِحَالٍ، وَلَا يُنْقَصُ عَنْ الثُّمُنِ إلَّا عِنْدَ الْعَوْلِ، وَلَا يُحْجَبُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ عَنْ الْمِيرَاثِ بِأَحَدٍ، وَلَا سَبَبٍ إلَّا بِقَتْلٍ، أَوْ كُفْرٍ، أَوْ رِقٍّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَجْبَ نَوْعَانِ حَجْبُ حِرْمَانٍ وَحَجْبُ نُقْصَانٍ فَحَجْبُ الْحِرْمَانِ نَحْوُ حَجْبِ الْأَجْدَادِ بِالْأَبِ وَالْجَدَّاتِ بِالْأُمِّ وَحَجْبُ النُّقْصَانِ نَحْوُ حَجْبِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ حَجْبَ الْحِرْمَانِ لَا يَثْبُتُ بِمَنْ هُوَ غَيْرُ وَارِثٍ بِسَبَبِ الْقَتْلِ أَوْ الرِّقِّ، أَوْ اخْتِلَافِ الدِّينِ وَكَذَلِكَ حَجْبُ النُّقْصَانِ فِي أَكْثَرِ قَوْلِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثَبَتَ حَجْبُ النُّقْصَانِ بِمَنْ لَا يَكُونُ وَارِثًا وَاسْتَدَلَّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ هَذَا الْحَجْبُ بِالنَّصِّ ثَابِتٌ بِالْوَلَدِ وَبِالْإِخْوَةِ وَبِسَبَبِ الرِّقِّ وَالْقَتْلِ وَالْكُفْرِ لَا بِقَيْدِ هَذَا الِاسْمِ فَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الْأَخِ وَالْوَلَدِ وَارِثًا زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ، وَهَذَا بِخِلَافِ حَجْبِ الْحِرْمَانِ لِأَنَّ حَجْبَ الْحِرْمَانِ بِاعْتِبَارِ تَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ عَلَى الْأَبْعَدِ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْأَقْرَبُ مُسْتَحِقًّا. فَأَمَّا حَجْبُ النُّقْصَانِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ السَّبَبَ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ وَالْإِخْوَةِ لَا يُوجِبُ لَهُ إلَّا أَقَلَّ النَّصِيبَيْنِ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ وَالْأَخُ وَارِثًا، وَلَا يَكُونُ وَارِثًا وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَيْسَ بِوَارِثٍ جُعِلَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ كَالْمَيِّتِ. فَكَذَلِكَ فِي الْحَجْبِ هُوَ كَالْمَيِّتِ وَكَمَا أَنَّهُ مَعَ الرِّقِّ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَلَدًا فَبِالْمَوْتِ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَلَدًا، ثُمَّ شَرَطْنَا كَوْنَهُ وَلَدًا حَيًّا لِلْحَجْبِ بِالِاتِّفَاقِ. فَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ وَارِثًا حُرًّا لِلْحَجْبِ وَنَفْسُ حَجْبِ النُّقْصَانِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>