للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُوَالَاةِ يُخَالِفُ وَلَاءَ الْعِتْقِ فِي فُصُولٍ أَحَدُهَا أَنَّ فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ يَرِثُ الْأَعْلَى مِنْ الْأَسْفَلِ وَلَا يَرِثُ الْأَسْفَلُ مِنْ الْأَعْلَى وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ حَتَّى إذَا اتَّفَقَا عَلَى تَوْرِيثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ يَثْبُتُ الْحُكْمُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ سَبَبُ الْإِحْيَاءِ وَذَلِكَ إنَّمَا يُوجَدُ مِنْ الْأَعْلَى فِي حَقِّ الْأَسْفَلِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْأَسْفَلِ فِي حَقِّ الْأَعْلَى وَهُنَا السَّبَبُ الْعَقْدُ وَالشَّرْطُ فَعَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وُجِدَ الشَّرْطُ يَثْبُتُ الْحُكْمُ، وَالثَّانِي أَنَّ وَلَاءَ الْعِتْقِ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَالْفَسْخَ وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ هُنَاكَ الْإِعْتَاقُ وَالْإِعْتَاقُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى وَفْقِ السَّبَبِ وَهُنَا السَّبَبُ الْإِيجَابُ بِطَرِيقِ التَّبَرُّعِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِلنَّقْضِ إلَّا أَنَّهُ يَنْفَرِد بِالْفَسْخِ مَا لَمْ يَعْقِلْ عَنْهُ وَبَعْدَ مَا عَقَلَ عَنْهُ الْجِنَايَةُ لَا تَنْفَرِدُ بِالْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَعْقِلْ جِنَايَتَهُ فَالْعَقْدُ تَبَرُّعٌ وَالْمُتَبَرِّعُ يَمْلِكُ الْفَسْخَ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِغَيْرِ رِضَاءِ الْآخَرِ، فَأَمَّا إذَا تَحَمَّلَ عَنْهُ جِنَايَتَهُ صَارَ الْعَقْدُ مُعَاوَضَةً وَأَحَدُ الْمُتَعَاوَضَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِفَسْخِ الْمُعَاوَضَةِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ وَكَمَا يَمْلِكُ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ يَمْلِكُ أَنْ يَتَحَوَّلَ بِوِلَايَةٍ إلَى غَيْرِهِ بِأَنْ يُعَاقِدَ غَيْرَهُ عَقْدَ الْوَلَاءِ فَيَفْسَخُ الْعَقْدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ مَا عَقَلَ جِنَايَتَهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ الَّذِي لَمْ يُوَالِ أَحَدًا إذَا جَنَى جِنَايَةً وَعَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ جِنَايَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَقْدَ الْمُوَالَاةِ مَعَ أَحَدٍ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ وَلَاؤُهُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَتَأَكَّدَ ذَلِكَ بِعَقْلِ الْجِنَايَةِ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ أَنْ يَعْقِلَ بَيْتُ الْمَالِ جِنَايَتَهُ وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ أَنَّ مَوْلَى الْعَتَاقَةِ آخِرُ الْعَصَبَاتِ مُقَدَّمٌ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ مُؤَخَّرٌ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَثْبَتَ الْعُصُوبَةَ لِمَوْلَى الْعَتَاقَةِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «كُنْتَ أَنْتَ عَصَبَتَهُ» وَالْعُصْبَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ وَهُنَا الْمَوْتُ هُوَ الَّذِي أَوْجَبَ هَذِهِ الصِّلَةَ لَهُ بِعَقْدِهِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَذَلِكَ يَمْتَنِعُ لِحَقِّ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَمَا يَمْتَنِعُ لِحَقِّ الْعَصَبَاتِ فَكَذَلِكَ الْمِيرَاثُ بِهَذَا الْوَلَاءِ فَقُلْنَا مَا دَامَ هُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَلَا شَيْءَ لِمَوْلَى الْمُوَالَاةِ

وَلَوْ أَنَّهُ وَالَى رَجُلًا وَعَاقَدَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ، ثُمَّ مَاتَ فَمِيرَاثُهُ لِمَوْلَى الْمُوَالَاةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْأُخُوَّةِ وَالْعُمُومَةِ بَاطِلٌ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ بِهِ النَّسَبَ عَلَى غَيْرِهِ وَإِقْرَارُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى غَيْرِهِ.

وَأَمَّا عَقْدُ الْمُوَالَاةِ تَصَرُّفٌ مِنْهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ ابْتِدَاءً وَالسَّبَبُ الْبَاطِلُ لَا يُزَاحِمُ السَّبَبَ الصَّحِيحَ.

وَحُكْمُ الْوَلَدِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فِي مِيرَاثِهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمُ وَلَدٍ كَامِلٍ لَهُ خَاصَّةً يَعْنِي أَنَّ الْجَارِيَةَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ حَتَّى ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَرِثُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>