للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إضَافَةَ الْفَسْخِ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبِلِ، وَلَا تَكُونُ تَعْلِيقًا بِالشَّرْطِ، وَكَمَا تَصِحُّ إضَافَةُ الْإِجَارَةِ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ إضَافَةُ الْفَسْخِ إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبِلِ، وَهَذَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ.

وَإِذَا اكْتَرَى الرَّجُلُ إبِلًا لِمَتَاعٍ لَهُ إلَى مِصْرَ بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَإِنْ قَصَرَ عَنْهَا إلَى الرَّمْلَةِ فَالْكِرَاءُ سَبْعُونَ دِينَارًا فَإِنَّ قَصَرَ عَنْ الرَّمْلَةِ إلَى أَذْرَعَاتٍ فَالْكِرَاءُ سِتُّونَ دِينَارًا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ لِجَهَالَةِ مِقْدَارِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَجَهَالَةِ الْأَجْرِ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْعَقْدِ وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ الْبَرَاءَةَ مِنْ بَعْضِ الْأَجْرِ بِالشَّرْطِ وَلَوْ عَلَّقَ الْبَرَاءَةَ مِنْ جَمِيعِ الْأَجْرِ بِشَرْطٍ فِيهِ حَظْرٌ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ فَكَذَلِكَ إذَا عَلَّقَ الْبَرَاءَةَ مِنْ بَعْضِ الْأَجْرِ، فَإِنْ حَمَلَهُ إلَى مِصْرَ فَفِي الْقِيَاسِ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَةَ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الْمِائَةُ الدِّينَارِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُفْسِدَ قَدْ زَالَ، وَهُوَ نَظِيرُ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْإِجَارَاتِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلرُّكُوبِ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ أَوْ ثَوْبًا لِلُّبْسِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ يَرْكَبُ وَمَنْ يَلْبَسُ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا، وَلَوْ رَكِبَهَا أَوْ لَبِسَهُ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ وَجَبَ الْمُسَمَّى اسْتِحْسَانًا لِانْعِدَامِ الْمُفْسِدِ، وَهُوَ الْجَهَالَةُ قَالَ: وَالْحِيلَةُ لَهُمَا فِي ذَلِكَ حَتَّى لَا يَفْسُدَ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا إلَى أَذْرَعَاتَ بِخَمْسِينَ دِينَارًا، وَيَسْتَأْجِرَ مِنْ أَذْرَعَاتَ إلَى الرَّمْلَةِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَيَسْتَأْجِرَ مِنْ الرَّمْلَةِ إلَى مِصْرَ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا، فَإِذَا بَلَغَ أَذْرَعَاتَ، فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ أَنْ لَا يَذْهَبَ إلَى الرَّمْلَةِ كَانَ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَحْمِلَهُ إلَى الرَّمْلَةِ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْإِبِلِ أَنْ يَمْتَنِعَ، وَكَذَلِكَ مِنْ الرَّمْلَةِ إلَى مِصْرَ، وَهَذَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْإِبِلِ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْإِبِلِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَذْهَبَ بِنَفْسِهِ مَاشِيًا، وَإِنْ أَبَى فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مَتَاعَهُ بِأَذْرَعَاتٍ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَى الرَّمْلَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ.

وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُؤَاجِرَ أَرْضًا لَهُ فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا حِيلَةٌ إلَّا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ أَنْ يَبِيعَهُ الزَّرْعَ ثُمَّ يُؤَاجِرَهُ الْأَرْضَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ جَوَازِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ أَنْ يَتَمَكَّنَ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْأَرْضِ بَعْدَ الْإِجَارَةِ، وَإِذَا بَاعَهُ الزَّرْعَ ثُمَّ أَجَرَ الْأَرْضَ فَهُوَ يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يَرَى زَرْعَهُ فِيهَا، وَإِذَا لَمْ يَبِعْهُ الزَّرْعَ لَا يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا، وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِزَرْعِ الْآخَرِ، وَلَا يُمْكِنُهُ التَّسْلِيمُ إلَّا بِقَلْعِ زَرْعِهِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَيْهِ؛ فَلِهَذَا كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ فِي الْأَرْضِ أَشْجَارٌ أَوْ بِنَاءٌ فَأَرَادَ أَنْ يُؤَاجِرَهَا مِنْهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْأَشْجَارَ وَالْبِنَاءَ مِنْهُ أَوَّلًا ثُمَّ يُؤَاجِرَهُ الْأَرْضَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّهُ يَبِيعُ الْأَشْجَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>