للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَمًا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي زَيْدٍ الْكُلُّ حَيْضٌ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ الْأَوَّلَ لِقُصُورِهِ عَنْ الثَّلَاثِ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي فَصَارَ الطُّهْرُ الثَّانِي مَغْلُوبًا بِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى أَثَرُهُ إلَى الطُّهْرِ الثَّالِثِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي سَهْلٍ حَيْضُهَا سِتَّةُ أَيَّامٍ وَسَاعَةٌ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ الثَّانِيَ كَامِلٌ، وَإِنْ صَارَ مَغْلُوبًا فَلَا يَتَعَدَّى أَثَرُهُ إلَى الطُّهْرِ الثَّالِثِ كَمَا هُوَ أَصْلُهُ.

وَأَمَّا أَجْزَاءُ النَّهَارِ فَبِحَسَبِ مَا يَذْكُرُ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا قِيلَ مُبْتَدَأَةٌ رَأَتْ رُبُعَ يَوْمٍ دَمًا ثُمَّ يَوْمَيْنِ وَثُلُثِ يَوْمٍ طُهْرًا ثُمَّ رُبُعَ يَوْمٍ دَمًا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهُ حَيْضًا لِأَنَّ الْكُلَّ قَاصِرٌ عَنْ الثَّلَاثِ بِسُدُسِ يَوْمٍ، وَإِنْ قِيلَ رَأَتْ يَوْمًا وَرُبُعَ يَوْمٍ دَمًا وَيَوْمَيْنِ وَنِصْفَ يَوْمٍ طُهْرًا وَرُبُعَ يَوْمٍ دَمًا فَالْكُلُّ حَيْضٌ؛ لِأَنَّهَا بَلَغَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالطُّهْرُ قَاصِرٌ، وَإِنْ رَأَتْ رُبُعَ يَوْمٍ دَمًا وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ طُهْرًا وَرُبُعَ يَوْمٍ دَمًا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْهُ حَيْضًا؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ كَامِلٌ فَصَارَ فَاصِلًا بَيْنَ الدَّمَيْنِ، وَعَلَى هَذَا فَقِسْ مَا تَسْأَلُ عَنْهُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ فَإِنَّ هَذَا النَّوْعَ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَاقِعَاتِ إنَّمَا وَضَعُوهُ لِتَشْحِيذِ الْخَوَاطِرِ وَامْتِحَانِ الْمُتَبَحِّرِينَ فِي الْعِلْمِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

[بَابُ نَصْبِ الْعَادَةِ لِلْمُبْتَدَأَةِ]

(قَالَ): - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اعْلَمْ بِأَنَّ بُلُوغَ الْمَرْأَةِ قَدْ يَكُونُ بِالسِّنِّ وَقَدْ يَكُونُ بِالْعَلَامَةِ وَالْعَلَامَةُ إمَّا الْحَيْضُ وَإِمَّا الْحَبَلُ فَنَبْتَدِئُ بِالْحَيْضِ فَنَقُولُ: إذَا رَأَتْ الْمُبْتَدَأَةُ دَمًا صَحِيحًا وَطُهْرًا صَحِيحًا مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ اُبْتُلِيَتْ بِالِاسْتِمْرَارِ يَصِيرُ ذَلِكَ عَادَةً لَهَا فِي زَمَانِ الِاسْتِمْرَارِ بِخِلَافِ مَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي صَاحِبَةِ الْعَادَةِ أَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ عَادَتُهَا بِرُؤْيَةِ الْمُخَالِفِ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ هُنَا الِانْتِقَالَ عَنْ حَالَةِ الصِّغَرِ، وَذَلِكَ عَادَةٌ فِي النِّسَاءِ فَيَحْصُلُ بِالْمَرَّةِ فَأَمَّا فِي صَاحِبَةِ الْعَادَةِ الِانْتِقَالُ عَنْ الْعَادَةِ الثَّابِتَةِ إلَى مَا لَيْسَ بِعَادَةٍ فَلَا يَحْصُلُ بِالْمَرَّةِ حَتَّى يَتَأَكَّدَ بِالتَّكْرَارِ يُوَضِّحُ الْفَرْقَ أَنَّ الْحَاجَةَ هُنَاكَ إلَى نَسْخِ الْعَادَةِ الْأُولَى وَإِثْبَاتِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَحْصُلُ بِالْمَرَّةِ فَأَمَّا هُنَا الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِ الْعَادَةِ دُونَ النَّسْخِ فَيَحْصُلُ بِالْمَرَّةِ. وَبَيَانُ هَذَا مُبْتَدَأَةٌ رَأَتْ خَمْسَةً دَمًا وَخَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَإِنَّهَا تَتْرُكُ مِنْ أَوَّلِ الِاسْتِمْرَارِ خَمْسَةً وَتُصَلِّي خَمْسَةَ عَشَرَةَ يَوْمًا، وَذَلِكَ دَأْبُهَا ثُمَّ تَفْسِيرُ الدَّمِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَصُ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَا يُزَادُ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَلَا يَصِيرُ مَغْلُوبًا بِالطُّهْرِ وَتَفْسِيرُ الطُّهْرِ الصَّحِيحِ أَنْ لَا يَكُونَ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَا تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِدَمٍ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ وَكَانَ بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>