للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ لِدَاءٍ فِي بَاطِنِهَا

فَإِنْ جَاءَتْ الْمَرْأَةُ تَسْتَفْتِي فَقَالَتْ: كَانَتْ عَادَتِي فِي الْحَيْضِ خَمْسَةً، وَالْآنَ أَرَى الدَّمَ فِي الْيَوْمِ السَّادِسِ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ مَشَايِخُنَا قَالَ أَئِمَّةُ بَلْخِي أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِالِاغْتِسَالِ وَالصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ حَالَ الزِّيَادَةِ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ فَلَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ مَعَ التَّرَدُّدِ؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَا تَكُونُ حَيْضًا إلَّا بِشَرْطٍ، وَهُوَ الِانْقِطَاعُ قَبْلَ أَنْ يُجَاوِزَ الْعَشَرَةَ، وَذَلِكَ مَوْهُومٌ فَلَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ مَوْهُومٍ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا تُؤْمَرُ بِالِاغْتِسَالِ وَالصَّلَاةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا عَرَفْنَاهَا حَائِضًا بِيَقِينٍ وَفِي خُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضِ شَكٌّ، وَدَلِيلُ بَقَائِهَا حَائِضًا ظَاهِرٌ، وَهُوَ رُؤْيَةُ الدَّمِ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ لَا تَكُونُ اسْتِحَاضَةً إلَّا بِشَرْطِ الِاسْتِمْرَارِ حَتَّى تُجَاوِزَ الْعَشَرَةَ وَذَلِكَ الشَّرْطُ غَيْرُ ثَابِتٍ فَتَيَقَّنَّاهَا حَائِضًا لَا تُؤْمَرُ بِالِاغْتِسَالِ وَالصَّلَاةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا فَإِنْ جَاوَزَ الْعَشَرَةَ فَحِينَئِذٍ تُؤْمَرُ بِقَضَاءِ مَا تَرَكَتْ مِنْ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ أَيَّامِ عَادَتِهَا، وَاعْتُبِرَ هَذَا بِالْمُبْتَدَأَةِ لَا تُؤْمَرُ بِالِاغْتِسَالِ وَالصَّلَاةِ مَعَ رُؤْيَةِ الدَّمِ مَا لَمْ تُجَاوِزْ الْعَشَرَةَ.

وَمِمَّا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الْمَسَائِلِ امْرَأَةٌ عَادَتُهَا فِي الْحَيْضِ خَمْسَةٌ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَهْرٍ فَرَأَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ دَمًا فِي أَيَّامِهَا ثُمَّ انْقَطَعَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ أَوْ سِتَّةَ أَيَّامٍ ثُمَّ رَأَتْهُ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَخَمْسَتُهَا الْمَعْرُوفَةُ هِيَ الْحَيْضُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى جَوَازِ خَتْمِ الْحَيْضِ بِالطُّهْرِ، وَإِنْ طَهُرَ مَا دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي عِنْدَهُ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الثَّلَاثَةُ الْأُولَى هِيَ الْحَيْضُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى خَتْمَ الْحَيْضِ بِالطُّهْرِ، وَلَوْ أَنَّهَا رَأَتْ فِي أَوَّلِ الْعَشَرَةِ يَوْمَيْنِ دَمًا وَفِي آخِرِهَا يَوْمَيْنِ دَمًا فَذَكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ بُرْهَانُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ قَوْلَهُ خَمْسَتُهَا حَيْضٌ إذَا كَانَ الْيَوْمَانِ الْآخَرَانِ هُمَا الْيَوْمُ الْعَاشِرُ وَالْحَادِيَ عَشَرَ أَمَّا إذَا كَانَ الْيَوْمَانِ التَّاسِعَ وَالْعَاشِرَ فَالْكُلُّ حَيْضٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ غَالِبٌ فَصَارَ فَاصِلًا بَيْنَ الدَّمَيْنِ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ حَيْضًا فَإِنْ لَمْ تَرَ فِي أَوَّلِهَا يَوْمَيْنِ دَمًا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْضًا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَإِنْ رَأَتْ فِي أَوَّلِهَا يَوْمَيْنِ دَمًا، وَرَأَتْ الْيَوْمَ الْعَاشِرَ وَالْحَادِيَ عَشَرَ وَالثَّانِيَ عَشَرَ دَمًا كَانَتْ خَمْسَتُهَا هِيَ الْحَيْضُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ قَاصِرٌ، فَهُوَ كَالدَّمِ الْمُتَوَالِي.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ هِيَ الْحَيْضُ بِطَرِيقِ الْبَدَلِ فَإِنَّ الْإِبْدَالَ مُمْكِنٌ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى بَعْدَهُ إلَى مُدَّةِ حَيْضِهَا الثَّانِي مُدَّةَ طُهْرٍ كَامِلٍ فَإِنْ رَأَتْ فِي أَوَّلِ خَمْسَتِهَا يَوْمًا دَمًا وَيَوْمًا طُهْرًا حَتَّى جَاوَزَ الْعَشَرَةَ كَانَتْ خَمْسَتُهَا حَيْضًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْخَمْسَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>