للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ بِالْمُحْتَمَلِ.

وَهَذَا إذَا كَانَتْ أَيَّامُهَا دُونَ الْعَشَرَةِ، فَإِنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا عَشَرَةً فَكَمَا تَمَّتْ الْعَشَرَةُ اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ، وَلَا تُؤَخِّرُ سَوَاءٌ انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ أَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضِ فَإِنَّ الْحَيْضَ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ عَادَةٌ، وَكَانَتْ مُبْتَدَأَةً، وَانْقَطَعَ دَمُهَا عَلَى الْخَمْسِ أَوْ فِي النِّفَاسِ وَانْقَطَعَ دَمُهَا عَلَى الْعِشْرِينَ وَسِعَهَا أَنْ تُمَكِّنَ زَوْجَهَا مِنْ نَفْسِهَا، وَأَنْ تَتَزَوَّجَ؛ لِأَنَّ فِي حَقِّ الْمُبْتَدَأَةِ الْعَادَةُ تَحْصُلُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فَالْتَحَقَتْ بِصَاحِبَةِ الْعَادَةِ غَيْرَ أَنَّ قَوْلَهُ: وَأَنْ تَتَزَوَّجَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ كَلَامٌ مُخْتَلٌّ؛ لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً فَقَدْ كَانَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً فَلَا يُتَصَوَّرُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا بِالْحَيْضَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا اعْتَدَّتْ شَهْرَيْنِ ثُمَّ حَاضَتْ يَلْزَمُهَا اسْتِئْنَافُ الْعِدَّةِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ فَدَلَّ أَنَّهُ كَلَامٌ مُخْتَلٌّ ذَكَرَهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ فِيهِ.

وَلَوْ كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً تَحْتَ مُسْلِمٍ فَانْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ وَسِعَ الزَّوْجُ أَنْ يَطَأَهَا وَوَسِعَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ؛ لِأَنَّهُ لَا اغْتِسَالَ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا لَا تُخَاطَبُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً رَجْعِيَّةً فَانْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ قَبْلَ تَمَامِ الْعَشَرَةِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، فَإِنَّهُ لَا اغْتِسَالَ عَلَيْهَا، فَإِنْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُرَاجِعَهَا أَيْضًا، وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِطَهَارَتِهَا بِنَفْسِ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَلَا تَعُودُ فِيهِ بِالْإِسْلَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ فَرُؤْيَةُ الدَّمِ مُؤَثِّرٌ فِي إثْبَاتِ الْحَيْضِ بِهِ ابْتِدَاءً فَكَذَلِكَ يَكُونُ مُؤَثِّرًا فِي الْبَقَاءِ بِخِلَافِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَتْ أَيَّامُهَا عَشَرَةً فَكَمَا انْقَطَعَ الدَّمُ عِنْدَ تَمَامِ الْعَشَرَةِ انْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ، وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ الْحَيْضِ بِيَقِينٍ وَلَكِنَّهَا لَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْجُنُبِ فِي وُجُوبِ الِاغْتِسَالِ عَلَيْهَا، وَلِلْجَنَابَةِ تَأْثِيرٌ فِي الْمَنْعِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ دُونَ بَقَاءِ الْعِدَّةِ.

(قَالَ): عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ حُكِمَ بِإِيَاسِهَا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ الزَّعْفَرَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْحَيْضِ أَنَّهَا لَا تَكُونُ حَائِضًا، وَلَوْ كَانَتْ اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ، وَتَزَوَّجَتْ لَمْ يَبْطُلْ نِكَاحُهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الدَّمَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ فَسَادِ الرَّحِمِ أَوْ الْغِذَاءِ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحُكْمِ بِإِيَاسِهَا، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: إنْ رَأَتْ حُمْرَةً وَتَمَادَى بِهَا إلَى مُدَّةِ الْحَيْضِ كَانَ حَيْضًا اسْتِدْلَالًا بِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي نَوَادِرِ أَبِي سُلَيْمَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ قَالَ: بِنْتُ ثَمَانِينَ أَوْ تِسْعِينَ إذَا رَأَتْ الدَّمَ فَهُوَ حَيْضٌ، فَإِنْ كَانَتْ كَدِرَةً لَمْ يَكُنْ حَيْضًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْ فَسَادِ الرَّحِمِ أَوْ الْغِذَاءِ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِي اللَّوْنِ فِي حَقِّهَا عِنْدَ رَفْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>