للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْ تَخْرُجَ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ مَعَ الْمَحْرَمِ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ عِنْدَنَا، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَالْمَمْلُوكَةِ لَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ، وَثَبَتَ لَهُ حَقُّ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فَهِيَ بِهَذَا الْخُرُوجِ تَحُولُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَبَيْنَ حَقِّهِ أَوْ تَلْزَمُهُ مَشَقَّةُ السَّفَرِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِزِيَارَةِ الْأَقَارِبِ، وَكَمَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِحَجَّةِ التَّطَوُّعِ لَكِنَّا نَقُولُ فَرْضُ الْحَجِّ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا بِاسْتِجْمَاعِ الشَّرَائِطِ فَكَانَ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ، وَبِسَبَبِ عَقْدِ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ وِلَايَةُ الْمَنْعِ مِنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهَا مِنْ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَالْمَوْلَى لَا يَمْنَعُ مَمْلُوكَهُ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ حَقِّهِ فَهَذَا مِثْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا فَإِنَّ هُنَاكَ الْفَرْضَ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهَا لِانْعِدَامِ شَرَائِطِهِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ لَا تَحْتَاجُ إلَى سَفَرٍ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ مَكَّةَ دُونَ مَسِيرَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْمَحْرَمِ لِلسَّفَرِ لَا لِمَا دُونَهُ، وَأَمَّا حَجُّ التَّطَوُّعِ فَالْخُرُوجُ لِأَجْلِهِ لَمْ يَصِرْ مُسْتَثْنًى مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَيْهَا فَإِذَا أَحْرَمَتْ بِحَجَّةِ التَّطَوُّعِ كَانَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا، وَيُحَلِّلَهَا إلَّا أَنَّ هُنَا لَا يَتَأَخَّرُ تَحْلِيلُهُ إيَّاهَا إلَى ذَبْحِ الْهَدْيِ، وَلَكِنْ يُحَلِّلُهَا مِنْ سَاعَتِهِ، وَعَلَيْهَا هَدْيٌ لِتَعَجُّلِ الْإِحْلَالِ، وَعُمْرَةٌ، وَحَجَّةٌ لِصِحَّةِ شُرُوعِهَا فِي الْحَجِّ بِخِلَافِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ هُنَاكَ لَا تَتَحَلَّلُ إلَّا بِالْهَدْيِ لِأَنَّ هُنَاكَ لَا حَقَّ لِلزَّوْجِ فِي مَنْعِهَا لَوْ وَجَدَتْ مَحْرَمًا، وَإِنَّمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ لِفَقْدِ الْمَحْرَمِ فَلَا تَتَحَلَّلُ إلَّا بِالْهَدْيِ، وَهُنَا تَعَذَّرَ الْخُرُوجُ لِحَقِّ الزَّوْجِ، وَكَمَا لَا يَكُونُ لَهَا أَنْ تُبْطِلَ حَقَّ الزَّوْجِ، لَا يَكُونُ لَهَا أَنْ تُؤَخِّرَ حَقَّ الزَّوْجِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُحَلِّلَهَا مِنْ سَاعَتِهِ، وَتَحْلِيلُهُ لَهَا أَنْ يَنْهَاهَا، وَيَصْنَعَ بِهَا أَدْنَى مَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا فِي الْإِحْرَامِ مِنْ قَصِّ ظُفْرٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا يَكُونُ التَّحْلِيلُ بِالنَّهْيِ، وَلَا بِقَوْلِهِ حَلَلْتُك لِأَنَّ عَقْدَ الْإِحْرَامِ قَدْ صَحَّ فَلَا يَصِحُّ الْخُرُوجُ إلَّا بِارْتِكَابِ مَحْظُورِهِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِقَوْلِهِ حَلَلْتُك، وَهُوَ نَظِيرُ الصَّوْمِ إذَا صَحَّ الشُّرُوعُ فِيهِ لَا يَصِيرُ خَارِجًا إلَّا بِارْتِكَابِ مَحْظُورٍ حَتَّى أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ نَهَاهَا عَنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ لَا تَصِيرُ خَارِجَةً عَنْ الصَّوْمِ بِمُجَرَّدِ نَهْيِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَمْلُوكُ يُهِلُّ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَلِلْمَوْلَى أَنْ يُحَلِّلَهُ لِقِيَامِ حَقِّهِ فِي خِدْمَتِهِ، وَمَنَافِعِهِ، وَالْمَمْلُوكُ فِي هَذَا كَالزَّوْجَةِ فِي حَجَّةِ التَّطَوُّعِ عَلَى مَا بَيَّنَّا

(قَالَ) وَالْمُحْصَرُ بِالْحَجِّ إذَا بَعَثَ بِهَدْيَيْنِ حَلَّ بِأَوَّلِهِمَا لِأَنَّهُ مَا لَزِمَهُ لِلتَّحَلُّلِ إلَّا هَدْيٌ وَاحِدٌ، وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا مُعَيَّنٌ لِأَدَاءِ الْفَرْضِ، وَالثَّانِي يَكُونُ تَطَوُّعًا، وَالْإِحْلَالُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى هَدْيِ التَّطَوُّعِ

(قَالَ) وَإِنْ حَلَّ الْمُحْصَرُ قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِإِحْلَالِهِ لِأَنَّهُ حَلَّ قَبْلَ أَوَانِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَا تَحْلِقُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>