للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمَعْنَى الَّذِي قُلْنَا فَبَقِيَ زَعْمُهُ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّهِ فَلِهَذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا.

(قَالَ:) وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتهَا وَلَهَا زَوْجٌ أَوْ هِيَ مُعْتَدَّةٌ مِنْ غَيْرِي أَوْ هِيَ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ أُخْتُهَا عِنْدِي أَوْ هِيَ أَمَةٌ تَزَوَّجْتهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَانِعَ كُلَّهَا مَعْنًى فِي مَحِلِّ الْعَقْدِ، وَالْمُحَالُ فِي حُكْمِ الشُّرُوطِ فَكَانَ هَذَا وَاخْتِلَافُهُمَا فِي الشُّهُودِ سَوَاءٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ كَانَ فِي صِغَرِهِ بِمُبَاشَرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ أَصْلَ الْعَقْدِ هُنَا فَإِنَّ الصَّغِيرَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِمُبَاشَرَةِ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ فَإِضَافَةُ الْعَقْدِ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ تُنَافِي الْأَهْلِيَّةَ يَكُونُ إنْكَارًا لِأَصْلِ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ قَالَ: تَزَوَّجْتُك قَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي أَوْ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ، وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُنْكِرِ مِنْهُمَا فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى، وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِوُجُودِ الدُّخُولِ بِحُكْمِ النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ فَإِنَّ عَقْدَ الصَّغِيرِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ يَمْلِكُ مُبَاشَرَتَهُ، وَإِنْ كَانَ الدُّخُولُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ فَهَذَا رِضًا بِذَلِكَ النِّكَاحِ، وَبَعْدَ الْإِدْرَاكِ لَوْ أَجَازَ الْعَقْدَ الَّذِي عَقَدَهُ فِي حَالَةِ الصِّغَرِ جَازَ كَمَا لَوْ أَجَازَ وَلِيُّهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ فَكَذَلِكَ بِدُخُولِهِ بِهَا يَصِيرُ مُجِيزًا

(قَالَ:) وَإِذَا زُوِّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً بِأَمْرِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْوَكِيلُ: أَشْهَدْت فِيهِ عَلَى النِّكَاحِ، وَقَالَ الزَّوْجُ: لَمْ تُشْهِدْ فِيهِ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِإِقْرَارِهِ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ؛ لِمَا قُلْنَا: إنَّ إقْرَارَهُ بِأَصْلِ عَقْدِ الْوَكِيلِ إقْرَارٌ بِشَرْطِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَرْأَةُ وَوَكِيلُهَا فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِالْوَكَالَةِ وَالنِّكَاحِ فَيَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا مِنْهَا بِشَرْطِ النِّكَاحِ

(قَالَ:) وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: لَمْ تُزَوِّجْنِي لَا يَلْزَمُهَا إقْرَارُ الْوَكِيلِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَكِيلِ بِالنِّكَاحِ فِي حَالِ بَقَاءِ الْوَكَالَةِ صَحِيحٌ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ، وَكَذَلِكَ وَكِيلُ الزَّوْجِ إذَا أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ، وَجَحَدَ الزَّوْجُ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ هُنَا، وَأَعَادَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَذَكَرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: سَوَاءٌ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي أَنَّ إقْرَارَ الْوَكِيلِ بِفِعْلِهِ جَائِزٌ؛ إذَا كَانَ الْآمِرُ مُقِرًّا أَنَّهُ أَمَرَهُ بِفِعْلِهِ فَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الطَّلَاقِ: الْخِلَافُ فِي إقْرَارِ الْوَلِيِّ عَلَى الصَّغِيرِ فِي النِّكَاحِ لَا فِي إقْرَارِ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مُسَلَّطٌ مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ بِاخْتِيَارِهِ فَإِقْرَارُ الْوَكِيلِ بِهِ كَإِقْرَارِ الْمُوَكِّلِ بِنَفْسِهِ فَأَمَّا الْوَلِيُّ مُسَلَّطٌ شَرْعًا، وَالشَّرْعُ اعْتَبَرَ الشُّهُودَ فِي النِّكَاحِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ الْوَلِيِّ بِغَيْرِ شُهُودٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُلِّ كَمَا ذَكَرَ هُنَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>