للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (١). قالوا: إن الله ذكر شيئين في الآية وضرب لهما مدة فكانت لكل واحد منهما بكمالها إلا أن الدليل قد قام على أن أدنى مدة الحمل ستة أشهر، فبقي مدة الفصال على ظاهره، ولأن اللبن كما يغذي الصبي قبل الحولين يغذيه بعده والفطام لا يحصل في ساعة واحدة لكن يفطم درجة فدرجة حتى ينسى اللبن ويتعود الطعام فلا بد من زيادة على الحولين بمدة وإذا وجبت الزيادة قدرنا تلك الزيادة بأدنى مدة الحبل وذلك ستة أشهر اعتبارا للانتهاء بالابتداء.

القول الثالث: أن رضاع الكبير يثبت به التحريم وهو مذهب عائشة وعلي وعروة بن الزبير -رضي الله عنهم -، وعطاء والليث بن سعد والظاهرية، وهو واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وقيده بالحاجة ووافقه تلميذه ابن القيم والشوكاني والصنعاني رحمهم الله جميعا (٢).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (٣). حيث لم يفصل بين الرضاع حال الصغر والرضاع حال الكبر.

وحديث سهلة بنت سهيل -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله إنا كنا نرى سالمًا ولدا فكان يأوي معي ومع أبي حذيفة في بيت واحد ويراني فضلى وقد أنزل الله فيهم ما قد علمت فكيف ترى فيه؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أرضعيه". فأرضعته خمس رضعات


(١) سورة الأحقاف: ١٥.
(٢) بدائع الصنائع (٤/ ٥)، بداية الجتهد (٢/ ٢٧)، المغني (٩/ ٢٠١)، مجموع الفتاوي (٣٤/ ٦٠)، إعلام الموقعين (٤/ ٣٤٧)، نيل الأوطار (٧/ ١٢٠)، سبل السلام (٣/ ٢١٥، ٢١٦).
(٣) سورة النساء: ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>