للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما الكتاب: فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (١)، قال ابن عباس -رضي الله عنهما- أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه. ثم قرأ هذه الآية.

وأما السنة: فما روى ابن عباس -رضي الله عنهما- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قدم المدينة والناس يسلفون في التمر السنتين والثلاث. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "من أَسْلَفَ في تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ في كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ" (٢).

وأما الإجماع: فقال ابن المنذر: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز".

ويرى بعض الفقهاء أن السلم قد شرع على خلاف القياس إذ هو من بيع المعدوم، وبيع ما ليس عند الإنسان غير جائز ولكنه أجيز استثناء للنص والإجماع على جوازه.

ويرى البعض الآخر ومنهم ابن تيمية وابن القيم أن السلم مشروع على وفق قواعد الشريعة ويقتضيه القياس إذ أن المثمن في البيع أحد عوضي العقد فجاز أن يثبت في الذمة كالثمن، كما أن من مصلحة البائع قبضَ الثمنِ معجلا؛ ليصلح به زراعته وتجارته وللنفقة على نفسه، ومن مصلحة المشتري الحصول على الثمرة رخيصة مقابل الأجل قبل قبض المبيع، وليس ذلك من قبيل بيع المعدوم. قال ابن تيمية: "فإباحة هذا على وفق القياس لا على خلافه" (٣)، وقال ابن القيم: "والصواب أنه على وفق القياس" (٤).


(١) سورة البقرة: ٢٨٢.
(٢) أخرجه البخاريُّ (٣/ ١١١)، رقم (٢٢٤)، ومسلمٌ، في باب السلم (٣/ ١٢٢٧)، رقم (١٦٠٤).
(٣) أخرجه البخاريُّ (٣/ ١١١)، رقم (٢٢٤)، ومسلمٌ، في باب السلم (٣/ ١٢٢٧)، رقم (١٦٠٤).
(٤) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٠/ ٥٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>