للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لا يُغْلَقُ الرهنُ؛ لصاحبِه غُنْمُه وعليه غُرْمُه" (١)، ولو تم تضمين المرتهن لامتنع الناس من فعله، خوفًا من الضمان.

ويرى الحنفية أن يد المرتهن يد ضمان، فيضمن المرتهن إن هلك بيده الأقل من قيمته ومن الدين، واستدلوا بحديث عطاء بن أبي رباح أنه حدث أن رجلًا رهن فرسًا فنفق في يده فقال رسول الله للمرتهن: "ذَهَبَ حَقُّكَ" (٢).

وفرق المالكية بين ما يمكن إخفاؤه كالحلي والعروض وبين ما لا يمكن إخفاؤه كالحيوان والعقار: فيضمن الأول، ولا يضمن الثاني إلا بتفريط منه (٣).

والراجح: أن الرهن أمانة بيد المرتهن؛ لحديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُغْلَقُ الرهنُ وهو ممّن رهنه، له غُنْمُه وعليه غُرْمُه" (٤)، أي: له غلته وخراجه وعليه خسارته وهلاكه، والراهن قد رضي أمانة المرتهن فأشبه المودع، ثم إن مالكًا رأى أن ما ظهر هلاكه كالعقار أمانة، فينبغي أن يكون كله أمانة، وكذلك فإن أبا حنيفة يرى أن ما زاد من قيمة الرهن على قيمة الدين هو أمانة فينبغي أن يكون كله أمانة.

[متى يستحق بيع المرهون؟]

المرهون حق الراهن له ملكه، لكن إذا حل الدين لزم الراهن بطلب المرتهن إيفاء الدين؛ لأنه دين حالٌّ فلزم إيفاؤه كالدين الذي لا رهن به، فإن وُفِّيَ الدينُ


(١) أخرجه البيهقيُّ (٦/ ٣٩).
(٢) أخرجه أبو داود في المراسيل، ونقل الزيلعيُّ عن ابن القطان أنه ضعف الراوي عن عطاء. نصب الراية (٤/ ٣٢١).
(٣) فتح القدير (٩/ ٧٠)، وبداية المجتهد (٢/ ٢٤٧)، نهاية المحتاج (٤/ ١٨١)، وكشاف القناع (٣/ ٣٤١).
(٤) رواه الدارقطني (٣/ ٣٣)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>