للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ضمان العارية]

على المستعير أن يرد العارية إن كانت باقية، أما إذا تلفت فقد اختلف الفقهاء على النحو الآتي:

١ - يرى ابن عباس وأبو هريرة وإليه ذهب عطاء والشافعيُّ وإسحاق وأحمدُ وهو قول لمالك -أن العارية إذا تلفت فإنه يجب ضمانها سواء تعدى المستعير أو لم يتعد، واستدلوا بحديث صفوان: "بل عاريةٌ مضمونةٌ"، وحديث الحسن عن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "على اليدِ ما أخذتْ حتى تؤدِّيَه" (١). ولأن المستعير قد أخذ ملك غيره لنفع نفسه ولم يؤذن له في الإتلاف؛ فكان مضمونًا كالغصب.

٢ - ويرى الحسن والنخعي والشعبي وعمر بن عبد العزيز والثوري وأبو حنيفة -أنها أمانة لا يجب ضمانها إلا بالتعدي، ويستدلون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس على المستعيرِ غير المُغِلِّ ضمانٌ"، والمغل: هو الخائن (٢) ولأنه قبضها بإذن مالكها فكانت أمانة كالوديعة.

٣ - ويرى مالك في المشهور عنه وابن القاسم وأكثر أصحابه أن، العارية تضمن فيما يغاب عليه كالثياب والحلي إذا لم يكن على التلف بينة، ولا يضمن فيما لا يغاب عليه كالعقار والحيوان ولا فيما قامت البينة على تلفه (٣).

الراجح: هو القول بضمان العارية عند تلفها سواء أكان بتعدٍّ أو لم يكن بتعدٍّ؛ للأحاديث الواردة فيها، ولأن المصلحة في الانتفاع بها للمستعير دون المعير، وتضمينه يدفعه إلى المحافظة عليها، وليكون ذلك دافعًا للناس لبذل المنافع إذا


(١) رواه أبو داود (٢/ ٢٦٥)، والترمذى (٥/ ٢٦٩).
(٢) أخرجه البيهقيُّ (٦/ ٩١).
(٣) المغني، لابن قدامة (٧/ ٣٤١)، وبداية المجتهد (٢/ ٣١٣)، وتبيين الحقائق، للزيلعي (٥/ ٨٥)، وأسنى المطالب (٢/ ٣٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>