للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمان القصعة بمثلها، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَاءٌ بِإِنَاءٍ" وضمان المال بجنسه أقرب إلى العدل من ضمانه بغير جنسه، وهي الدراهم والدنانير، وليس على الغاصب ضمان نقص القيمة الحاصل بتغير الأسعار وهو قول الجمهور، وهو الراجح؛ لأنه رد العين بحالها لم يُنْقَصْ منها عينٌ أو صِفَةٌ (١).

[ضمان ما أفسدته المواشي]

اختلف في ذلك العلماء: فيرى الليث أن كل دابَّةٍ مرسلة فصاحبها ضامن لما أفسدته على ألا يتجاوز ذلك قيمة الماشية، ويرى أبو حنيفة أنه لا ضمان مطلقًا؛ لحديث: "العَجْمَاءُ جُبَارٌ" (٢)، ويرى مالك والشافعيُّ أن الضمان على أرباب البهائم بالليل ولا ضمان عليهم فيما أفسدته بالنهار. وهو رواية عن الإمام أحمد (٣).

الراجح: أن الضمان يكون عند إتلافها ليلًا، ولا يضمن ما أتلفته نهارًا؛ لما روى مالك عن الزهري عن حرام بن سعد أن ناقة للبراء دخلت حائط قوم فأفسدت فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن على أهلِ الأموال حفظَها بالنهار وما أفسدت ليلًا فهو مضمون عليهم. قال ابن عبد البر: هذا الحديث وإن كان مرسلًا فهو مشهور وحدَّث به الأئمة الثقات، وتلقاه فقهاء الحجاز بالقبول، ولأن العادة من أهل المواشي إرسالها نهارًا وحفظها ليلًا. هذا من حيث الضمان بشكل عامٍّ، أما الغاصب فيضمن ما أفسدت مطلقًا؛ لأنه متعدٍّ بغصبه.

وقد أصدر مجلس هيئة كبار العلماء قراره رقم (١١١) في ٢/ ١١ / ١٤٠٢ هـ بعدم ضمان البهائم التي تعترض الطرق العامة المعبدة بالإسفلت إذا تلفت نتيجة


(١) البحر الرائق (٨/ ١٢٤)، وبداية المجتهد (٢/ ٣١٧)، ونهاية المحتاج (٥/ ٦٥٩)، والمغني (٧/ ٣٦١)، وتوضيح الأحكام (٤/ ٥٩٠).
(٢) أي: هدر لا شيء فيها.
(٣) بداية المجتهد (٢/ ٣٢٣)، والمبدع في شرح المقنع (٥/ ١٩٩)، وتوضيح الأحكام (٤/ ٥٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>