للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ويرى بعضهم وهو قول للإمام أحمد أن ذلك صحيح وجائز ويعتبر من الثلث كسائر الوصايا، ودليل صحة الوقف المعلق بالموت ما احتج به الإمام أحمد أن عمر وصى فكان في وصيته: "هذا ما أوصى به عبدُ الله عمرُ أميرُ المؤمنين إن حدث به حدث، أن ثمنًا (١) صدقة"، وذكر بقية الخبر (٢).

ووقفه هذا كان بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأنه اشتهر في الصحابة فلم ينكر فكان إجماعًا، ولأن هذا تبرع معلق بالموت فصح كالهبة والصدقة المطلقة (٣).

الراجح: إن القول بالجواز هو الذي تؤيده الأدلة وهو الأولى؛ لما فيه من تنوع لأعمال البر وتيسيرٍ لأبوابها.

[الولاية على الوقف: (ناظر الوقف)]

يحتاج الوقف إلى من يقوم بشؤونه ويحافظ عليه ويعمل على استغلاله بطرق الاستثمار المشروعة وإنفاق إيراداته في وجوهها وعلى مستحقيها، وإن الواقف هو أحق من يقوم بذلك ثم من شرطه الواقف، فإن مات الناظر أو لم يشترط الواقف ناظرًا وكان الوقف على جهة عامة أو على غير محصورين كالمساجد والمساكين -فالولاية إلى الحاكم الشرعي، وللحاكم أن ينيب فيه من يشاء-؛ لأنه لا يمكنه النظر بنفسه لتعدد واجباته، وقد جعلت بعض الحكومات الإسلامية النظر في ذلك لوزارات الأوقاف لتتولى شؤونها وإدارتها واستثمارها وصرف غلاتها على ما حددت له، وذلك جائز بشرط أن تراعى الأحكامُ الشرعيةُ المحددةُ في ذلك.

أما إذا كان الوقف على آدمي معين محصور فالنظر يكون للموقوف عليه؛ لأنه يختص بنفسه، وهذا هو مذهب المالكية والحنابلة وقول للشافعية.


(١) مكان قريب من المدينة.
(٢) رواه البخاري (٣/ ٢٦٠)، ومسلمٌ (٣/ ١٢٥٥).
(٣) المغني، لابن قدامة (٨/ ٢١٥)، وحاشية ابن عابدين (٤/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>