للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ويرى بعض الفقهاء ومنهم ابن الزبير والزهري وابن سيرين وهو رواية عند الحنابلة أن الجماعة لا يقتلون بالواحد وإنما تجب عليهم الدية؛ لأن الله تعالى شرط المساواة في القصاص ولا مساواة بين الجماعة والواحد.

٣ - ويرى بعضهم وهو مروى عن معاذ بن جبل وابن الزبير وابن سيرين والزهري أنه يقتل واحد منهم ويؤخذ من الباقين حصصهم من الدية لقول الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (١)، فمقتضاه أنه لا يؤخذ بالنفس أكثر من نفس واحدة؛ لأن كل واحد منهم مكافئ له فلا تستوفي أبدال ببدل واحد، كما لا تجب ديات لمقتول واحد (٢).

الراجح: نرى أن قتل الجماعة بالواحد هو الصحيح لما ورد عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولما روى عن علي -رضي الله عنه- أنه "قتل ثلاثة قتلوا رجلًا" (٣). ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة فصار إجماعًا.

ولأن القصاص عقوبة تجب على الواحد فتجب للواحد على الجماعة كحد القذف وغيره، ولأنه لو سقط القصاص بالاشتراك لأدى ذلك إلى التعاون على سفك الدماء وهو ما يتعارض مع ما يهدف إليه الإِسلام من سن القصاص وتشريعه قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (٤).


(١) سورة المائدة: ٤.
(٢) بدائع الصنائع للكاساني (١٠/ ٤٦٢٨)، وبداية المجتهد لابن رشد (٢/ ٣٩٩)، وروضة الطالبين (ص: ١٦٠٣)، والمغني لابن قدامة (١١/ ٤٩٠).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٩/ ٣٤٨).
(٤) سورة البقرة: ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>