للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجاني على سبيل المواساة له، فاقتضت الحكمة تخفيفها عليهم.

[٣ - دية القتل الخطأ]

تجب دية الخطأ على عاقلة الجاني مؤجلة على ثلاث سنين، وقد جعلت كذلك لأن جنايات القتل الخطأ كثيرة، وإيجابها في مال الجاني يضر به، فجعلت على العاقلة مواساة للقاتل وتخفيفًا عنه؛ لأنه معذور، وقد يكون في إيجابها في مال الجاني إذا كان لا يستطيع اجحافًا في حق أولياء المجني عليه، إذ قد لا يتمكن من دفع الدية والعاقلة يمكنها ذلك موزعة عليهم، وقد يقال إن العاقلة مسؤولة عن حفظ القاتل، وقد فرطوا في حفظه من القتل فيتحملون نتيجة تفريطهم.

قال ابن المنذر: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أنها على العاقلة" (١).

وتكون الدية مؤجلة على ثلاث سنين، لإجماع الصحابة -رضي الله عنهم - على ذلك فإنه روي أن عمر -رضي الله عنه- قضى بذلك بمحضر من الصحابة -رضي الله عنهم - ولم ينقل أنه خالفه أحد فيكون إجماعًا (٢).

وألحق مجمع الفقه الإِسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإِسلامي في قراره رقم (٧١) حوادث السير بالجنايات، فتطبق عليها أحكامها المقررة في الشريعة الإِسلامية وهي في الغالب من قبيل الخطأ ولا يعفى السائق من المسؤولية إلا في حالات ورد ذكرها في القرار، كما أن مفتى المملكة العربية السعودية ورئيس قضاتها سابقًا الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ قد أفتى بمثل ذلك فيما يحدث من حوادث السيارات، وما ينشأ من الأطباء عند إجراء العمليات الجراحية من


(١) الإجماع (ص: ١٧٢).
(٢) بدائع الصنائع للكاساني (١٠/ ٤٦٦٨)، وجواهر الإكليل شرح مختصر خليل للأزهري (٢/ ٢٦٥)، وروضة الطالبين للنووي (ص: ١٦٨٣)، والمغني لابن قدامة (١٢/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>