للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تداخل الحدود]

١ - إذا اجتمعت حدود لله تعالى فيها قتل وغيره فإنه يُستوفى القتل ويسقط غيره، وهو قول عبد الله بن مسعود ولا مخالف له من الصحابة، وقال بعض الفقهاء: يستوفى جميعها؛ لأن ما وجب مع غير القتل وجب مع القتل كالقصاص في الأطراف.

وإذا لم يكن فيها قتل وتكررت قبل إقامة الحد وهي من جنس واحد فإنه يقام عليه الحد لمرة واحدة فقط، قال ابن المنذر: أجمع عليه كل من نحفظ عنه (١)، لأن الغرض الزجر عن إتيان مثل ذلك في المستقبل وهو حاصل بالحد الواحد، والواجب هنا من جنس واحد فوجب التداخل كالكفارات، أما إذا كانت من أجناس مختلفة كقتل وسرقة وزنا وقذف فإنه يستوفى حد لكل منها ويبدأ بالأخف فيها.

٢ - إذا اجتمعت حدود هي حقوق لآدميين، فإنها تستوفى كلها سواء كان فيها قتل أم لم يكن فيها قتل، ويبدأ بغير القتل، لأن حقوق الآدميين مبنية على المشاحة فيجب استيفاؤها كسائر حقوق الآدميين.

٣ - إذا اجتمعت حدود هي حقوق لله تعالى وحقوق لآدميين، فإنها يبدأ بتنفيذ حق الآدميين، الأخف منها أولًا، ثم تنفيذ الحدود التي هي حقوق الله تعالى؛ لأن حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة (٢).


(١) المغني، لابن قدامة (١٢/ ٣٨١).
(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص: ١٤٧)، وحاشية ابن عابدين (٤/ ٥٥)، وقوانين الأحكام الشرعية لابن جزى (ص: ٣٩١)، والمغني لابن قدامة (١٢/ ٤٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>