للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفيه فيما يرى فيه مصلحة للمجتمع، والتخيير الوارد في الآية هو مقتضى اللغة العربية، قال ابن عباس - صلى الله عليه وسلم -: ما كان في القرآن "أو" فصاحبه بالخيار.

٢ - وذهب الجمهور من الشافعية والحنابلة وصاحبي أبي حنيفة إلى أن "أو" في الآية للتنويع وأن هذه العقوبات على ترتيب الجرائم وليست على التخيير، فمن قتل وأخذ المال فإنه يقتل ويصلب، ومن اقتصر على أخذ المال قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ومن أخاف الطريق ولم يقتل ولم يأخذ مالًا فإنه ينفى من الأرض، قال ابن عباس: "من أخاف السيل وأخذ المال قطعت يده ورجله من خلاف، وإن أخذ المال وقتل قطعت يده ورجله ثم صلب، فإذا قتل ولم يأخذ المال قتل، وإن هو لم يأخذ المال ولم يقتل نفي" (١).

كما أن العقوبات تختلف باختلاف الإجرام وقطع الطريق جرائم متنوعة فتتنوع العقوبة وفقًا لتنوع الجريمة، ومما يدل على أنه لا يمكن الأخذ بظاهر التخيير إجماع الأمة على أن قطاع الطريق إذا قتلوا وأخذوا المال لا يكون جزاؤهم النفي وحده وإنما القتل والصلب.

الراجح: يترجح ما ذهب إليه الجمهور لما أوردوه من الأدلة، ولأن المعهود من القرآن الكريم البدأ بالأخف لما أريد به التخيير، والبدأ بالأغلظ فيما أريد به الترتيب ككفارة الظهار والقتل (٢).

[الاشتراك في الحرابة (قطع الطريق)]

إذا اشترك جماعة في قطع الطريق بحيث باشر بعضهم القتل وأخذ بعضهم


(١) أخرجه البيهقيُّ في باب قطاع الطرق (٨/ ٢٨٣).
(٢) بدائع الصنائع للكاساني (٩/ ٤٢٨٩)، وبداية المجتهد لابن رشد (٢/ ٤٥٥)، والإقناع للشربيني (٤/ ٢٢٧)، والمغني لابن قدامة (٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>