للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البهوتي من الحنابلة: "ومن كان من أهله أي القضاء ويوجد غيره مثله في الأهلية فله أن يليه ولا يجب عليه الدخول فيه؛ لأنه لم يتعين عليه، والأولى أن لا يجيب إذا طلب إذَن؛ لما فيه من الخطر والشقة الشديدة ولما في تركه من السلامة وذلك طريقة السلف، وقد أراد عثمان تولية ابن عمر القضاء فأبى" (١).

رابعًا: التحريم: يحرم تولي القضاء في حالات ونبينها فيما يأتي:

١ - قال الحنفية: يحرم أن يسعى في طلب القضاء إنْ عَلِمَ من نَفْسِهِ العَجْزَ عنه، وَعَدَمَ الإِنْصَافِ فيه لمِا يَعْلَمُ من بَاطِنِهِ من اتِّبَاعِ الهَوَى ما لَا يَعْرِفُونَهُ (٢).

٢ - وقال المالكية: يحرم أَنْ يَسْعَى في طَلَبِ القَضَاءِ وَهُوَ جَاهِلٌ لَيْسَ لَهُ أَهْلِيَّةُ القَضَاءِ، أَوْ يَسْعَى فِيهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ العِلمِ لَكِنَّهُ مُتَلَبِّسٌ بِما يُوجِبُ فِسْقَهُ، أَوْ كَانَ قَصْدُهُ بِالوِلَايةِ الِانْتِقَامَ مِنْ أَعْدَائِهِ، أَوْ قَبُولَ الرِّشْوَةِ مِنْ الخُصُومِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ المَقَاصِدِ، فَهَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ السَّعْيُ في القَضَاءُ (٣).

٣ - وقال الشافعية: يحرم ذلك إذا كان القضاء في مستحقه ومن هو أهله، ويريد أن يعزله عنه إما لعداوة بينهما، وإما ليجرَّ بالقضاء إلى نفسه نفعًا فهذا الطلب محظور وهو بهذا الطلب مجروح (٤).

قال الماوردي: ويحرم إذا قصد انتقامًا من الأعداء أو اكتسابًا بالارتشاء، وجعل من المكروه طلبه للمباهاة والاستعلاء ونوزع في ذلك، وجرى بعضهم على الحرمة؛ للأحاديث الدالة عليه وهو ظاهر (٥).


(١) كشاف القناع (٦/ ٢٨٧).
(٢) الفتاوى الهندية (٣/ ٣٠٦)، معين الحكام (١/ ٢١).
(٣) تبصرة الحكام (١/ ١٤)، التاج والإكليل (٦/ ١٠٢).
(٤) الأحكام السلطانية (١/ ٨٣).
(٥) ٤/ ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>