للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصبي القضاء؛ لأن الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالاستعاذة من إمارة الصبيان فقد روى أحمد بسنده عن أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: سمعت رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "تَعَوَّذُوا بِالله من رَأْسِ السَّبْعِينَ (١)، وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ" (٢). والتعوذ لا يكون إلا من شر فيكون تقليد الصبيان للقضاء شرًا وفسادًا في الأرض ونحن ممنوعون من ارتكاب الشر والفساد فتكون توليتهم ممنوعة.

ولأن الصبي ناقص الأهلية لا ولاية له على نفسه فلا ولاية له على غيره (٣).

ويعتبر البلوغ شرطًا لممارسة التكاليف الشرعية في العبادات والمعاملات، ومرحلة البلوغ هي مرحلة القدرة على تحمل التكاليف والأعباء وهي الاحتلام عند الرجال، ونزول الحيض عند النساء، ويترتب عليه القدرة على الإنجاب وتحمل مسئولية الغير، ووظيفة القضاء تحتاج إلى العقل الناضج المدرك ولا يتأتى هذا قبل البلوغ، ولا يشترط في القاضي أن يكون طاعنًا في السن بل المدار على اجتماع الشروط المعتبرة في ولايته بعد بلوغه، وإن كان الأفضل والأولى أن يكون كبير السن؛ لأن ارتفاع السن يعتبر من باب الوقار والهيبة التي استحبها العلماء (٤).


(١) قال الشوكاني: أَمَرَهُ - صلى الله عليه وسلم - بِالتَّعَوُّذِ من رَأْسِ السبْعِينَ لَعَلَّهُ لما ظَهَرَ فيها من الفِتَنِ العَظِيمَةِ منها قَتْلُ الحُسَيْنِ -رضي الله عنه-، وَوَقْعَةُ الحرَّةِ وَغَيْرِ ذلك مِمَّا وَقَعَ في عَشْرِ السَّبْعِينَ. نيل الأوطار (٩/ ١٦٨).
(٢) مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٢٦)، وهو في مصنف ابن أبي شيبة (٧/ ٤٦١، ٣٧٢٣٥). قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح غير كامل بن العلاء وهو ثقة. مجمع الزوائد (٧/ ٢٢٠). وصححه الألباني في السلسلة "الصحيحة" برقم (٣١٩١).
(٣) بدائع الصنايع (٧/ ٣)، تبصرة الحكام (١/ ٢٦)، الأحكام السلطانية للماوردي (ص: ٨٣)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (ص: ٦٠).
(٤) النظام القضائي في الفقه الإِسلامي للدكتور محمَّد عثمان (ص: ٧٤)، نظام القضاء في الإِسلام للدكتور محمَّد الغرايبة (ص: ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>