للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اشتراط العدالة بحيث إذا ولي الفاسق القضاء أثم موليه ولم تصح، وبطلت ولايته، ولا ينفذ شيء من قضائه ولو صادف الحق (١).

٢ - وذهب الحنفية في ظاهر الرواية ومعهم طائفة من المالكية (٢) إلى أن العدالة شرط كمال لا شرط جواز وصحة بمعنى أنه إذا ولي الفاسق القضاء أثم موليه ولكن تصح ولايته وينفذ قضاؤه رغم ذلك، على أن نفاذ كل قضاء مشروط بموافقة الشرع، فهذا الشرط متفق على اعتباره في جواز التقليد.

قال الكاساني: "العَدَالَةُ عِنْدَنَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِجوَازِ التَّقْلِيدِ لَكِنَّهَا شَرْطُ الكَمَالِ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُ الفَاسِقِ وَتَنْفُذُ قَضَايَاهُ إذَا لم يجاوِزْ فيها حَدَّ الشَّرْعِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللهُ شَرْطُ الجوَازِ فَلَا يَصْلُحُ الفَاسِقُ قَاضِيًا عِنْدَهُ بِنَاءً على أَنَّ الفَاسِقَ ليس من أَهْلِ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ فَلَا يَكُونُ من أَهْلِ القَضَاءِ، وَعِنْدَنَا هو من أَهْلِ الشَّهَادَةِ فَيَكُونُ من أَهْلِ القَضَاءِ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلَّدَ الفَاسِقُ؛ لِأَنَّ القَضَاءَ أَمَانَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهِيَ أَمَانَةُ الأَمْوَالِ وَالأَبْضَاع وَالنُّفُوسِ فَلَا يَقُومُ بِوَفَائِهَا إلَّا من كَمُلَ وَرَعُهُ وَتمَّت تَقْوَاهُ إلَّا أنَّهُ مع هذا لو قُلِّدَ جَازَ التَّقْلِيدُ في نَفْسِهِ وَصَارَ قَاضِيًا؛ لِأَنَّ الفَسَادَ لِمَعْنًى في غَيْرِهِ فَلَا يَمْنَعُ جَوَازُ تَقْلِيدِهِ القَضَاءَ في نَفْسِهِ" (٣).

[أدلة الجمهور]

١ - قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (٤).


(١) مغني المحتاج (٤/ ٣٧٥)، المغني (١٤/ ١٣)، تبصرة الحكام (١/ ٢٦)، حاشية ابن عابدين (٥/ ٣٥٦).
(٢) فتح القدير لابن الهمام (٥/ ٤٥٤)، حاشية ابن عابدين (٥/ ٣٥٦)، تبصرة الحكام (١/ ٢٦).
(٣) بدائع الصنائع (٧/ ٣).
(٤) سورة الحجرات: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>