للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الإجماع: فإن الأمة أجمعت على صحة الإقرار؛ ولأن الإقرار إخبار على وجه ينفي عنه التهمة والريبة، فإن العاقل لا يكذب على نفسه كذبا يضر بها؛ ولهذا كان آكد من الشهادة فإن المدعى عليه إذا اعترف لا تسمع عليه الشهادة وإنما تسمع إذا أنكر (١).

[أركان الإقرار]

أركان الإقرار عند الجمهور أربعة: مُقِر، ومُقَر له، ومُقَر به، وصيغة (٢).

وأما عند الحنفية فهو الصيغة فقط.

قال الكاساني: "أما ركن الإقرار (الصيغة) فنوعان: صريح، ودلالة، فالصريح نحو أن يقول: لفلان عليَّ ألف درهم؛ لأن كلمة عليَّ كلمة إيجاب لغةً وشرعًا، وكذا إذا قال لرجل: لي عليك ألف درهم، فقال الرجل: نعم؛ لأن كلمة نعم خرجت جوابًا لكلامه وجواب الكلام إعادة له لغة كأنه قال: لك علي ألف درهم.

وأما الدلالة فهي أن يقول له رجل: لي عليك ألف، فيقول: قد قضيتها؛ لأن القضاء اسم لتسليم مثل الواجب في الذمة فيقتضي أسبقية الوجوب فكان الإقرار بالقضاء إقرارًا بالوجوب ثم يدعي الخروج عنه بالقضاء، فلا يصح إلا بالبينة" (٣).

[شروط الإقرار]

١ - أن يكون المقِرّ مكلفًا، فلا يصح إقرار الصبي والمجنون والسكران لحديث علي -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على


(١) المغني (٧/ ٢٦٢).
(٢) التاج والإكليل (٥/ ٢١٦)، أسنى المطالب (٢/ ٢٨٧ - ٢٨٨)، الموسوعة الفقهية (٦/ ٤٩).
(٣) بدائع الصنائع (٧/ ٢٠٧ - ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>