للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج- أن عمر وأُبيًا تحاكما إلى زيد في نخل ادعاه أُبي، فتوجهت اليمين على عمر، فقال زيد: اعف أمير المؤمنين، فقال عمر: ولم يعفي أمير المؤمنين؟ إن عرفت شيئًا استحققته بيميني، وإلا تركته، والله الذي لا إله إلا هو، إن النخل لنخلي، وما لأُبي فيه حق (١).

القول الثاني: أنه لا يجوز تغليظ اليمين ولكن يكتفى بلفظ الجلالة، وإليه ذهب ابن حزم الظاهري. واستدل لذلك بأدلة من الكتاب والسنة، أما الكتاب فإن الآيات الكريمة اقتصرت على لفظ الجلالة قال الله تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} (٢).

وقال تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} (٣).

فلا يجوز الزيادة عليه؛ لأن لفظ الجلالة يتضمن معاني الترغيب والترهيب.

وأما السنة: فقد روى البخاري ومسلمٌ عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا من كان حالفًا فلا يحلف إلا بالله"، وكانت قريش تحلف بآبائها، فقال: "لا تحلفوا بآبائكم" (٤). وهذا نص جلي على إبطال الزيادة (٥).

وقد أجاب الجمهور بأنه: لا تعارض بين أحاديث الاقتصار على لفظ الجلالة وأحاديث التغليظ؛ لحمل الأحاديث المقتصر على لفظ الجلالة على الوجوب والأحاديث الأخرى على الندب.


= (٣٢٧٥). الحديث صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٢/ ٣١٩)، برقم (٣٢٧٥).
(١) السنن الكبرى للبيهقي (١٠/ ١٤٤)، المغنى (١٣/ ٤٤٢).
(٢) سورة المائدة: ١٠٧.
(٣) سورة المائدة: ٥٣.
(٤) صحيح البخاري، برقم (٣٦٢٤)، صحيح مسلم، برقم (١٦٤٦).
(٥) المحلى (٩/ ٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>