للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجه الدلالة: أن الحديث صريح في جواز التغليظ بالحلف بالمكان وهو في الحديث مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحول منبره ويقاس عليه بقية المساجد والمنابر؛ لأنها أماكن للعبادة والتعظيم.

أدلة القول الثاني: استدل أصحاب القول الثاني على عدم جواز تغليظ اليمين في الزمان والمكان بالسنة والأثر.

أولًا: السنة:

روى البخاري ومسلمٌ عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لو يعطى الناس بدعواهم، لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه" (١). فالحديث دل على اليمين مطلقًا ولم يقيد بزمان أو مكان.

ثانيًا: الأثر:

ما روى الإِمام مالك عن دَاوُدَ بن الحصَيْنِ أنه سمع أَبَا غَطَفَانَ بن طَرِيفٍ المُرِّيَّ يقول: اخْتَصَمَ زَيْدُ بن ثَابِتٍ الأنصَارِيُّ، وابن مُطِيعٍ في دَارٍ كانت بَيْنَهُمَا إلى مَرْوَانَ بن الحكَمِ وهو أَمِيرٌ على المدِينَةِ، فَقَضَى مَرْوَانُ على زيدِ بن ثَابِتٍ بِالْيَمِينِ على المنْبَرِ، فقال زَيْدُ بن ثَابِتٍ: أحلف له مَكَانِي، قال: فقال مَرْوَانُ: لاَ وَالله إلا عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ، قال: فَجَعَلَ زَيْدُ بن ثَابِتٍ يَحلِفُ أن حَقَّهُ لَحَقٌّ وَيَأْبَى أن يَحْلِفَ على المنْبَرِ، قال: فَجَعَلَ مَرْوَانُ بن الحكَمِ يَعْجَبُ من ذلك (٢).


(١) صحيح البخاري، برقم (٢٣٧٩)، صحيح مسلم، برقم (١٧١١).
(٢) موطأ مالك (٢/ ٧٢٨)، كتاب الأقضية، باب جَامِعِ ما جاء في الْيَمِينِ على المنْبَرِ، برقم (١٤١٠). ورواه البخاري تعليقًا بصيغة الجزم. صحيح البخاري (٢/ ٩٥٠)، كتاب الشهادات، باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين ولا يصرف من موضع إلى غيره، رقم الباب (٢٣). ووصله الحافظ ابن حجر في كتابه تغليق التعليق (٣/ ٣٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>