للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثالث: أن أخذ الأجر لا يجوز إلا في حالة الحاجة من غير شرط، وبه قال متأخرو الحنفية (١) وهو قول عند الحنابلة (٢).

والراجح من الأقوال هو جواز أخذ الأجرة على الأذان والإقامة في حالة الحاجة، فمتى دفع إليه ما يعينه على أداء الأذان كحاجته إليه فلا حرج عليه في ذلك؛ لأن الأذان يحبسه ويحتاج منه الأوقات.

لكن من وسَّع الله عليه وأحب أن يعمل بدون شيء من بيت المال، فذلك أفضل وأكمل؛ لأنه حينئذ تكون قربته كاملة ليس فيها شيء من النقص، بل عمل عمله كاملًا من دون شائبة.

أما من أخذ من بيت مال المسلمين فلا حرج عليه؛ لأن بيت المال للمسلمين عامة ولا سيما المصالح كالأذان والإقامة وأشباه ذلك. وهكذا الأوقاف التي توقف على المؤذنين والأئمة هذه كلها من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب تسهيل الأمور، وكون هناك راتب لمن يتفرغ لهذا الشيء أدعى إلى أن يلتزم ويقوم بهذا الأمر العظيم.

أما حديث عثمان بن أبي العاص المتقدم في النهي عن أخذ الأجرة على الأذان، فمحمول على المشارطة بينه وبين أهل المسجد أو بينه وبين بعض الناس الآخرين، فهذا هو الأقرب في ظاهر النص.

أما الذي يعطاه من بيت المال كما يعطى المدرس ويعطى الإِمام ويعطى المجاهد، فغير داخل في هذا الباب -إن شاء الله-، لكن الذي يتفرغ لهذا الشيء من


(١) المبسوط (١/ ١٤٠)، بدائع الصنائع (١/ ١٥٢)
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإِسلام (٣٠/ ٢٠٢)، الإنصاف (١/ ٤٠٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>